ما تبقى لكم > مراجعات رواية ما تبقى لكم > مراجعة Rudina K Yasin

ما تبقى لكم - غسان كنفاني
تحميل الكتاب

ما تبقى لكم

تأليف (تأليف) 3.9
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الكتاب رقم 68/2023

ما تبقى لكم

غسان كنفاني

"إن الصمت لا يكون بلا صوت وإلا لما كان و لما صار بالوسع أن يحس على هذه الصورة الفريدة، المفعمة بالغربة و الوحشة و المجهول"

"قبل مخاطبا الصحراء : مرر شفتيه فوق التراب الدافي : ليس بمقدوري أن أكرهك , ولكن هل سأحبك..؟ أنت تبتلعين عشرة رجال من أمثالي في ليله واحدة _أنني أختار حبك , أنني مجبر على اختيار حبك , ليس ثمة من تبقى لي غيرك"

"إنني أختار حبك، إنني مجبر على اختيار حبك، ليس ثمة من تبقى لي غيرك. ليس ثمة من تبقى لي غيرك… وأنت تبدو بعيداً، رغم أنك في فراشي.. تتركني وحدي أحصي تلك الخطوات المعدنية الباردة"

ما تبقى لكم"، هي تجربة كنفاني الثانية في كتابة الرواية. تأتي بعد "رجال في الشمس" لتحاول أن تعبر عن إرادة الخروج من الذات إلى الفعل، ومن الهموم الشخصية التي تأخذ دلالات عامة إلى الهموم الشخصية التي هي جزء من الهمّ العام ، الأبطال الخمسة: حامد وزكريا ومريم والصحراء والساعة، يتمازجون، ويقدمون صورة عن العلاقات الداخلية التي تجعل من الذاتي جزءاً من الموضوعي، والتي تفرض الفعل التاريخي كوسيلة وحيدة للخروج من النفق.تتحدث الرواية عن أسرةٍ فلسطينية من غزة ، نزحت إلى غزة من مدينة يافا بعد أن استولى اليهود على المدينة ، وأدى هذا النزوح إلى تشتت الأسرة وتفتتها ، الشخصية الرئيسية في الرواية هو ( حامد ) ، واحدٌ من الشباب الذين يمثلون فلسطين ، والذين كابدوا مأساة النزوح عام 1948م ، لم يستوعب حامد تلك الأحداث لسرعة حدوثها ، وكانت الشخصية الثانية ( مريم ) شقيقة حامد ، ضاعت أحلامها وآمالها وأموالها بضياع أرضها ، ودخلت إلى حياة المعاناة والشقاء التي فرضت عليها بفعل النزوح .

ما تبقى لكم” هي اسم رواية للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، صدرت عام 1966 بعدد صفحات صغير جدا 50 صفحة هي الرواية الثانية للكاتب، .قام بكتابة رواية ما تبقى لكم بعد تجربته الأولى (رجال في الشمس)، وهي محاولة للانتقال من الذات إلى الفعل، ومن همومه الشخصية التي أشار إليها بدلالات عامة إلى هموم شخصية مختلفة عن الهموم العامة .

غزة الجرح الذي لا يمكن له ان يشفى هي الوضع االصعب وخاصة في الاحداث التي تحصل والحرب الدائرة حيث الموت بالالاف حيث الدمار والقتل نعم لا فرق بين التواريخ بين 1948 و2023 فالمشاهد تتكرر ، يمكن تلخيص الرواية من غزة، فهي النهاية هي تلك المدينة التي هاجرت إلى غزة من مدينة يافا بعد أن احتلها اليهود، وقد أدى هذا النزوح إلى تفكك الأسرة وانتشارها. يركز الكاتب على شخصية حامد، وهو شاب فلسطيني يعاني من مأساة النزوح التي حدثت في عام 1948، والتي لم يستوعبها بسرعة. يتحدث الكاتب أيضًا عن شخصية مريم، شقيقة حامد، التي فقدت أموالها وأحلامها بسبب فقدان أرضها، ودخلت في حياة صعبة ومعاناة بسبب النزوح . الشخصية الثالثة هي الخائن زكريا، الذي دل عناصر الجيش الصهيوني على مكان سالم، واستغل غياب حامد عن المنزل ليهاجم مريم ويغتصبها، وانتهى بقتله على يد مريم الحرة الطاهرة. وهنا يظهر كنفاني بأن المرأة الفلسطينية هي رمز وصورة لفلسطين عندما تثور وتتمرد، وتعبر عن الأرض والوطن

الرواية تتقاطع بين الاماكن والازمنة يافا وحيفا والارض واللجزر والمخيو والهجرة حيث تسير تلك الأحداث في عالم مختلط مما دفع الكاتب الى تغيير حجم الحرف عند نقاط الانتقال فلم تأخذ الرواية الشكل التقليدي بتطور الأحداث وتسلسلها في نسيج الرواية . بل عمدت الى قول ما اعتزمت قوله دفعة واحدة عبر رسم الصورة الكلية بالكلمات ” ماتبقى لكم ” ويعود ليرسمها مرة أخرى بتفاصيل أدق “ما تبقى لها. ما تبقى لكُم. ما تبقى لي. حساب البقايا. حساب الموت. حساب الخسارة. ما تبقى لي في العالم.

ينتظم إيقاع السرد في خطين متوازين، واحد يعبر الصحراء والاخريرتبط بساعة الحائط التي ظلت معلقة بالبيت، تدق بإيقاع رتيب فتتضح معالم القصة في اطارها العام فحامد ” المنهزم أمام عواصف القهر، وأمام المصائب المتلاحقة ” حامد الذي كان في صغره “شجاعا بصورة لا تصدق والذي ظل ينظر بعينيه الحادتين الى كل الرجال نظرة الند وهو ملتصق بأخته مريم كانه درع صغير من الفولاذ …. ووراء الشاطىء الاسود كانت يافا تحترق ونحن نطوف فوق موج داكن من الصراخ والدعاء ويافا تغطس كالشعلة في مياه الأفق البعيد ” ومريم هي الطفلة التي نزعت من حضن أمها، وتركت ضعيفة بين أسنان التشرد بعد لجوئهما إلى غزة بعد استشهاد والدهما ونزوح أمهما إلى الأردن وخروج حامد للبحث عن أمه والارتماء باحضانها -حيث لم يعد لديه ما يخسره – ليشكو لها حاله بعد أن اخطأت أخته مع زكريا “النتن” المتزوج وله أطفال وحملت منه مما اضطره إلى الموافقة على زواج أخته مريم من زكريا الشخصيه الخائنة المنبوذة من محيطها، هروباً من هواجس العار والفضيحة على الرغم من أن زكريا كان قد وشى بسالم أحد الأبطال الفدائيين ما أدى إلى إعدامه.

وتبرز عبقرية غسان كنفاني في رسم الصورة بالكلمات “وفيما كنا نتزاحم على الممر الضيق المؤدي إلى ذلك البناء المهدم كانوا يزجروننا تارة بالعبرية وتارة بالعربية المكسرة , ثم أوقفونا صفاً واحداً وانصرفوا يدرسوننا بإمعان واضعين فوهات رشاشاتهم تحت آباطهم، موسعين ما بين أقدامهم, وفجأة أخذت السماء تندف رذاذها ببطء وكآبة, فيما غاص المعسكر وراءنا بصمت أسود”. “وفي اللحظة التالية تماماً اندفع زكريا خارج الصف المستقيم وقذف نفسه راكعاً وكفاه مضمومتان إلي صدره وأخذ يصيح..فتراجعت الفوهات الفولاذية مترددة بطيئة, ثم تقدم الضابط فركله وتولي جنديان إيقافه على قدميه الواهنتين :” أنا أدلكم على سالم”. وقبل أن يفعل تقدم سالم من تلقاء نفسه ووقف أمامنا مباشرة ….إلى أن عاد فالتفت إلى زكريا وشيعه بنظرات رجل ميت:باردة وقاسية وتعلن عن ولادة شبح. وغاب وراء الجدار هنيهة. ثم جاء صوت طلقة واحدة فيما أخذنا ننظر إلى زكريا وكأننا جميعا متفقون على ذلك”.

وخلال رحلته الليلية في الصحراء متجها إلى الأردن يتعارك مع جندي من العدو ويربطه مهددا إياه بسكينة مفسحا المجال أمام كل النهايات المفتوحة “…… فأدركت أن بوسعي ذات لحظة أن أجز عنقه دون رجفة واحدة وأن هذه اللحظة ستاتي لا محالة” تلك إذن هي النهاية في اللحظة التي تتم فيها مواجهة الأعداء كانت مريم على الطرف الآخر في غزة تغرس نصل سكينها في لحم الخائن زوجها زكريا في مشهد أبدع الكاتب في تصوير تفاصيله.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق