سيرة القبطية: رحلة الخروج للنهار > مراجعات رواية سيرة القبطية: رحلة الخروج للنهار > مراجعة Sylvia Samaan

سيرة القبطية: رحلة الخروج للنهار - شيرين هنائي
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

بالمحبة اخدموا بعضكم بعضًا (غل ٥ : ١٣)

بهذه الآية القصيرة كنا نختتم درس القديسة ڤيرينا بفصل التربية الكنسية في مدارس الأحد لسن ما قبل المدرسة.

ولحسن حظي ومن محبتي العارمة لسيرة تلك القديسة فكنت دائما ما أشارك في حكي حكايتها أو تمثيلها مع رفيقاتي لمزيد من جذب الانتباه وزيادة تفاعل الأطفال معنا.

حتى حين تعثرنا وأغلقت الكنائس جراء جائحة كورونا كان لي نصيب في حكي سيرتها عبر ڤيديو قصير لبعثه للأطفال عبر هواتف آباءهم.

أحبها ولم أشك للحظة أنها تبادلني المحبة.

فالمحبة ما كانت سوى الدافع الوحيد لثمرة جراجوس الطيبة إلا لخدمة أهل بلدتها ومن سواهم بدون تأفف أو شعور بالكبر والعظمة.

نجحت الكاتبة بإتقان في معالجة سيرة القديسة ڤيرينا صعيدية الميلاد، عالمية التأثير، معالجة درامية بديعة ورغم أنها سيرة مختصرة إلا أن الأجزاء الحوارية فاضت بروح مسيحية تقية من عصر المسيحيين الأوائل في ظل الاضطهاد الروماني العنيف لمسيحيو مصر حينها.

حتى أن الاقتباسات التي تزودت بها الصفحات لترصعها وتزيد من بهاءها كانت من مختلف أسفار الكتاب المقدس وقد جاءت متماشية تمامًا مع الأحداث، لذا أعتقد أن هناك ثمة مجهود مضني قد قامت به الكاتبة لتخرج سيرة القبطية بهذا البهاء والروعة، كما كانت تستحق. فبالحق أشكرك جزيلًا على أمانتك الشديدة.

الرواية من ٢٩٢ صفحة من ثلاثة فصول أساسية تحوي فصولًا أقصر، كل منها يتوجه عنوانًا، الرئيسية والفرعية على السواء.

الشخصيات الأساسية رُسِمت بإتقان فببساطة تستطع تبين خرف لينوس وصلابة إيمان ريجولا، ومحبة ڤيكتور المتفانية، وعظمة أبوة سيدنا برتلميوس واحتضانه وتقبله للساقطين في الإنكار والخائفين، ومسؤولية موريس القائد الذي ما زال قلبه ينبض ويضخ ببركات من لدن الرب، لا دمًا فقط، وصلادة وحقد إيزوس، وتخبط وتعلق هيلينا بحبيبها الذي لفظها.

ولين قلب أرخيس رغم قوته وتعلقه بتوأمه الذي فقده وافتقده.

وفاسيليا بقوة شكيمتها وسيطرتها، وقلبها متتبعًا لخطوات بناتها.

ومحبة ڤيرينا الغامرة التي تظلل وتؤازر كل من يأتي تحت ظلها، كشمس ملهمة، هكذا وصفها الأب ديسيوس.

أتت الرواية في صورة خطابات تخطها ڤيرينا بيديها لتُعلم خطيبها ڤيكتور ما تمر به، خطابات لم تصل يديه قط!

لذا فالرواية قائمة على ضمير المتكلم حيث تحكي عن ما روع قلبها الصغير من أحداث أو ما أبهجه وما كانت البهجة إلا قدر قليل!

الرواية ليست مصدر تاريخي بقدر ما هي معالجة درامية، وكم احترمت إعلان الكاتبة ذلك صراحة في بداية الرواية.

الرواية تسرد لنا مشاق ما لاقاه مسيحيو مصر قديمًا في حقبة تاريخية تخضبت فيها أرض كيمي بدماء شهداءها من القبط؛ حيث تفنن الرومان بالتنكيل بهم.

لاطالما شكل المسيحيون تهديدًا صريحًا للرومان بإيمانهم وصمودهم في صمت رغم تجردهم من الأسلحة.

ورغم ما يملكونه الرومان من سيوف وسياط وسلطة ونفوذ الإ أنهم دائما كانوا يخشونهم من أن يصيروا نواة للثورات.

وحين اضطر مكسيمانوس للقضاء على نواة ثورة في بلاد الغال لم يسعفه سوى بسالة الكتيبة الطيبية التي كانت تتألف من ستة آلاف وستمئة وست ستين جنديًّا وضابطًا قبطيًا بقيادة القائد موريس، فانتقلت الكتيبة برجالها ونساء يقمن بالطهو ومعالجة الجرحى بالأعشاب وحياكة ما تهرأ من ملابس.

وكانت الفرقة جميعها تدين بالمسيحية وفي أعقاب النصر ورفض أفراد الكتيبة التبخير للأوثان، استشهدت الكتيبة عن بكرة أبيها!

تُرى ماذا فعلت فيرينا!! وكيف عاشت في كهف في سويسرا بين شعب غريب عنها، ولمَ تم إلقاء القبض عليها ؟! وكيف خرجت من سجنها!!

بل بالأحرى كيف حاربت دقلديانوس وواجهت بطشه!

سيرة لمصرية متجردة من السلاح، لا تملك سوى قلب محب وكلمة الله التي هي حية وفعالة أمضى من كل سيف ذي حدين، خارقة إِلَى مفرق النفس والروح المفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته.

هاك القليل مم أعجبني:

❞ قلب الإنسان يفكر في طريق، والرب يهدي خطواته. ❝

‏❞ كان هو الأرض، والسماء أمي، فكيف لي أن أحيا في فراغ السماء الدنيا بلا ضفة أغرس فيها قدماي؟ ❝

‏❞ أهدني يا رب طريقًا أبديًّا، واسندني لأن لطفك عجيب ما أعظمك رفيقًا وكفيلًا وضامنًا أمينًا لسلامة مسيرة أولادك ومختاريك مدى الحياة، فلا تحجب وجهك، بل كن كفيلًا لكل ما يحدث لي في غربة هذا العالم، إلى أن أدرك الأرض التي وعدت بها محبيك ❝

❞ تعلَّمتُ أن الصلاة تُنجي دائمًا، لكن ليس بالضرورة أن تُنجي بالطريقة التي نظنها المُثلى. ❝

❞ قلبك هو موطن ضعفك، فلا تُعرِّفي أحدًا مكانه. ❝

❞ كل شخص على وجه الأرض هو أسطورة تُحكى، لكن أين الحكَّائون؟ ❝

‏❞ قلبك يقودك، وهو كالدرع يحميكي من لحظات الخوف. ❝

❞ نحن نحيا من رمادنا مثل فينيكس الأساطير، أو كالهايدرا، كلما قُطع له رأس، نما بدلًا منه رأسان. ❝

‏في النهاية، لا يسعني سوى الفخر بمصريتي والتباهي بأني حفيدة لڤيرينا، الثمرة الطيبة كما يعني اسمها بالقبطية.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق