"نهارات هذه المدينة كائنات خافتة، تأني بأذرع متشابكة، وكأنما تخشى أن تفلت من الزمن لحظة دون ضوء، هنا، لا تجد العتمة إلا في باطنك العميق، حيث أنت وحدك، توغل في التيه، العالم من حولك يتحدث كل اللغات إلا لغتك، وأنت بجلدك الأسمر ناشز عن اللوحة، فاخلع نعليك، ليس امتثالاً لطقوس المثول في الأودية المقدسة، وإنما لتركض في داخلك بأسرع ما تستطيع." - ارتطام لم يسمع له دوي للكويتية بثينة العيسى 🇰🇼

تطلعنا المؤلفة في هذا العمل الموحش على مدارج مختلفة من الاغتراب، فبطلة روايتها كويتية محبة لوطنها تشارك في مسابقة علمية في السويد حيث تصطدم بهوة سحيقة بين معارفها ومعارف أعضاء الوفود الأخرى، بينما بطل العمل بدوي من "البِدون" غادر الكويت التي رفضت منحه جنسيتها شأنه شأن عشرات الآلاف من البِدون ليستقر في السويد عازماً على عدم العودة مطلقاً.

يعاني كلاً من بطلي هذا العمل فشلاً خاصاً، مما يجعل منهما شريكين في الهزيمة وفي الانكسار، إلا أن كلاً منهما يتعامل مع أزمته بمنطق مختلف، مما يجعل التآلف التام بينهما مستحيلاً، وينذر بفشل جديد يترك ندوبه في صفحة القلب، إذ تتعرض محاولات التقارب للإجهاض واحدة تلو الأخرى على خلفية تعاطي كليهما مع أزمته بشكل لغة العيسى رقيقة ومفرداتها موفقة، كما أن إسقاطات القصة على الواقع الكويتي كثيرة وتبدو في محلها.

هل تلفظنا بلادنا وتجبرنا أوطاننا على الاغتراب داخلها وخارجها؟ أم أن طبيعتنا هي التي تدفعنا للتمرد على السائد والبحث عن معنى لحياتنا بعيداً عن مسقط رأسنا؟

#Camel_bookreviews