قراءات_٢٠٢٣
رواية سنوات الجري في المكان للكاتبة نورا ناجي.
من إصدار دار الشروق.
هل من الممكن أن يتوقف الزمن و تتجمد الحياة نتيجة لحظة مرت بينا ؟
لحظة فقد ... لحظة فصلتنا عن موتٍ لم يكن لنا و كان من نصيب شخصٍ آخر ... لحظة جاءت في وقت ارتفعت فيه الأحلام و كأننا سنطال النجوم ... لكن في الواقع طريق تحقيق الأحلام دومًا ما تحمل ثناياه كواليس إنسانية مؤلمة.
كواليس كشفت أوجاع و أمنيات مبتورة تفجرت لتظل تطارد أصحابها ، هؤلاء الذين يتظاهرون دومًا بأنهم بخير ، يمشون للأمام بإبتسامة الثقة لكنهم و برغم تغُّير الحياة حولهم مازالوا يمشون في نفس المكان و لم يستطيعون تجاوز تلك اللحظة بعد.
فخلف الصورة تكمن الآلام المستترة ، المشاعر المضطربة و النفوس الحائرة ... مُحَاولة كشف حقيقة الحياة و ماهيتها .
فهل يمكن إستعادة الإحساس بالحياة من جديد؟ هل لماضيٍ أحكم قبضته على نفوسهم و أفقدهم حواسهم أن يختفي كأن لم يكن؟ أو يرحل يتلاشى تاركًا الفرصة لتلك الجراح أن تلتئم؟
صاغت نورا الحكاية بخمس شخصيات كلٌ منها يحمل فنه ، يجيده و يصنعه بحاسة من حواسه ، لتصور لنا بتلك اللغة العذبة و النظرة الحساسة التي تنبع من روحها كما استشعر معها دائمًا كيف تُفقد تلك الحواس و تُفقد معها الرغبة بالحياة؟ بسبب لقطة واحدة قد تراها لحظة عابرة و غير فارقة ربما تتوقف عندها لثواني من الحزن ثم تتجاوزها كأن لم تكن .... لكنها عند الآخر كانت نقطة التحول ، نقطة التأمل في جدوى الحياة و الاختيارات و الأقدار ، نقطة استشعاري لمدى إنسانيتي و مدى كوني جزء من كل.
الرواية و رغم اختيار الأوضاع السياسية كخلفية و محرك للأحداث إلا أنها عمل إنساني بالمقام الأول يحمل نكهة مختلفة بالكتابة و طريقة الحكي ، تختلج معه مشاعرك ، تتوحد مع شخصياته بكل أحلامهم و أوجاعهم ... لكم تمنيت أن يستعيدوا ما فُقد و ما كان أو حتى يسمحوا للأيام أن تطويه بالنسيان .....
عمل درامي إنساني يطرق باب قلبك لتعيد معه النظر في نفسك و من حولك بإنسانية غطاها تراب السعي و مسئوليات الحياة.
تحياتي لقلم من مشاعر يكتب و كأنه يتنفس.
#سنوات_الجري_في_المكان