طوق الحمام > مراجعات رواية طوق الحمام > مراجعة shima alrasheed

طوق الحمام - رجاء عالم
أبلغوني عند توفره

طوق الحمام

تأليف (تأليف) 2.2
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

في روايتها طوق الحمام تقودنا رجاء عالم إلى أزقة مكة وحواريها، تبرز جوانب منها لا يعرفها الزائرون العابرون، تورد على لسان شخصياتها معتقدات صغيرة يتشبث بها الكبار ويورثونها لأبنائهم (أوهام أهل مكة من صلابة جبالها)، فأم يوسف كانت تقول له وهو صغير (أكمل صلاتك واطو سجادتك فإبليس يصلي على السجاجيد المنسية)!

وعلى الجانب الآخر من تجار مكة الذين عرف عنهم أنهم (تجار بالسليقة، يبيعون حتى الظل والنسمة) ويخرجون من منازلهم في المواسم لتأجيرها، هناك طبقات ممن يكافحون للعيش في أرجائها دون أن تهددهم مشروعات التوسعة والتطوير بإخراجهم من بيوتهم، ويسرقون أفراحهم الصغيرة من رتابة أيامهم (بمرتب معلم المدرسة الذي لا يسمح له بالبذخ، كان أبي يوفر لنا دهشات صغيرة، كل ليلة جمعة نحتفل، يشتري لكل منا ساندوتش شاورما ورغيفاً فارغاً من الخبز الصامولي، وكنا نقسم لحم الشاورما ما بين الرغيفين لكي نشبع جوع بطوننا، كان ذلك طقسنا المقدس، الفاكهة كانت طقساً آخر، اجتهد أبي ليوفر لكل منا برتقالة كل يوم، خوخة كل أسبوع، وعنقود عنب كل صيف).

ومثلهم عمال تركوا بلادهم وأولادهم ليعملوا بها، متحملين آلام الغربة وتكلفتها التي يدفعونها من أعمارهم مقابل ما يكسبونه من مال (أتعرفين كيف تحدثك الأجساد بالعرق، عرق هذا العامل الذي هبط بكيس البلاستيك المبقع بزفر الأرز والدجاج يقول: إنه بين نارين، وإن عليه أن يلحق بموقع البناء، حيث سقط رفيقه بالأمس من أعلى السقّالة، وانتظروا عربة لساعات، قبل أن يحمّلوه في شاحنة مسابقين الموت لأقرب مستوصف، حيث مات بأربعمائة ريال سعر فتح الملف).

ولأنها بلاد يجتمع فيها الناس من كل مكان، فمن المتوقع أن يخاف أهلها على أبنائهم من أوبئة وأمراض ربما لم يسمعوا عنها، إلا أن الواقع خلاف ذلك (الأوبئة في مكة هي لقاح الطبيعة السخي، قتلت الآلاف لتصيب الفئة الملقحة بالمناعة، حين لا تموت للضربة الأولى في مكة فإنك لن تموت للضربة العاشرة والألف والأخيرة، لذا فإن أهلها يلقون بأولادهم للدروب الغاصة بالحجيج، يزحفون ويتعثرون، ويؤاخون الاوبئة والأجناس، ويشتغلون في الطوافة أو التجارة).

وللكاتبة القدرة على وصف التفاصيل الدقيقة، محولة بذلك الكلمات المكتوبة إلى مشاهد نلم بكل ما فيها، كما في وصفها لصورة سرير معتوقة أم النزاح (بعد تردد بعثت لك بصورة كُليّة للعجوز معتوقة أم النزاح، كما ترى الفراش كسفينة نوح يحمل كل حياة معتوقة: الخرق المتكومة طولياً تحتل الفراش (زاحمتها حتى اعوجّ هيكلها) تخفي كسرات خبز للمجاعات التي ستأتي، يظهر طرفها، وتخفي كيس نايلون بقلم حاجبيها ومكحلتها الفضة المنقوشة بالمِرْوّد يُولِّد بكتيريا من زمن نوح. وتحت قدميها بقايا ثياب الزوج الذي غاب، معتقة بدهون ذبائح، وتحت الوسادة التي تكسر عنقها طبقُ نحاس من أيام عرسها، وحذاء من جلد الإبل تقطعت سيوره، عن يسارها كيس لبان.. ولا أعرف ماذا أيضاَ، لكنها متأهبة ما إن ينفخ عزرائيل بوقه حتى تُبحر).

وللألم والخيبات الشخصية مكان مهم في الرواية، مثل مأساة خليل الذي تعلم الطيران بالخارج، وعمل به لمدة عشرين عاماً قبل أن يتم فصله، ليسكن في زقاق أبو الرؤوس سائقاً لتاكسي، الزقاق الذي محى كل تاريخ خليل وأصر على تلقيبه بالسوّاق، (يضرب الأرض يخرق السماء: سوّاق!).

وعائشة التي مات جميع أفراد أسرتها في حادث سيارة، واستغرقها الكثير من الوقت للشفاء من إصابتها وألم فقدها، حين كانت تنتظر سيارة الإسعاف وصفت شيئاً أحس به كل من مروا بتجارب جسدية مؤلمة (رقدت في انتظار سيارة الإسعاف، لم أكن أشعر بألم، كنت أنظر إلى عظام حوضي المخلوع، وقد شقت لحمي وبرزت لتجلس إلى جواري، وانتظرت لساعات، هناك جسد خفيف ينشق من أجسادنا، يظهر لإنقاذنا وقت الحوادث، يلملم أشلاءنا ويجلس بنا بعيداً عن الألم، جالسني طوال تلك الليلة، وكنا ننظر إلى نقطة الألم الجالسة تنتظر، حتى أقبلت صفارات إنذار الإسعاف وتسلمني الممرض، فاندفع الألم).

لشراء النسخة الورقية للرواية من موقع جملون ****

لشراء النسخة الورقية أو الإلكترونية أو الورقية أو الصوتية من الرواية من موقع النيل والفرات ****

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق