فلسفة التاريخ؛ الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ (سلسلة أدوات القادة #3) > مراجعات كتاب فلسفة التاريخ؛ الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ (سلسلة أدوات القادة #3) > مراجعة .: THE STRANGER :.

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

في سعي منه لتسليط الضوء على القوانين المحركة للأمم والمجتمعات إما نحو الصعود أو الاندثار، يتطرق الدكتور جاسم سلطان في هذا الجزء من مشروع النهضة إلى موضوع فلسفة التاريخ وكيفية تناول أحداث التاريخ وسننه بعين التفهم والاعتبار والاستبصار من أجل فهم أعمق لطرق التغيير وكيفياته ومآلالته.

وانطلاقاً من مقولة "الحكمة ضالة المؤمن" يقوم المؤلف بأخذ أفضل ما في نظريات بعض من أشهر فلاسفة ومؤرخي الغرب وينبذ ما عداه، ليعضد آراءه وأفكاره ودعوته. كما يطالعنا أيضاً بنظريات بعض من المفكرين والمصلحين الإسلاميين حيال موضوعات الاستفادة من التاريخ واستيعابه لنهضة الأمة وصعودها.

قدم لنا المؤلف في البداية تعريفاً لعلم التاريخ واستخداماته ومجالاته وأهدافه وأهميت دراسته، ومن ثم بدأ أولى فصول الكتاب بالحديث عن نظرية ابن خلدون في علم الاجتماع حول العصبيات ودورها في حياة وممات الدولة، مع التطريق لعوامل تعزيزها وإضعافها وتأثيراتها على الأمم والأفراد، وذكر نماذج معاصرة من العصبيات التي تعوق تغيير المجتمع.

وفي الفصل التالي تناول نظرية التحدي والاستجابة لأرنولد توينبي، والتي تعد امتداداً وتوسعاً لنظرية ابن خلدون في العصبيات. فيوضح أهم أنواع التحديات ودورها في سقوط الحضارات أو قيامها، ويحدد أيضاً أنواع الاستجابات لهذه التحديات بذكر نماذج تاريخية قديمة وحديثة لتحديات ومصاعب واجهت شتى الأمم، وطرق استجابتهم لها سلباً أو إيجاباً. وختم فصله هذا بعمل مقارنة وذكر القواسم المشتركة بين كل من ابن خلدون وتوينبي في فهمهما لهذا الموضوع.

أما في الفصل الثالث، فقد تناول نظريات هيغل في موضوع الأفكار وصراعاتها وأهميتها، وقام بعقد مقارنات هنا أيضاً بين فلسفتي كل من توينبي وهيغل.

وفي الفصل الرابع عرض أفكار كارل ماركس وتقسيمه للمجتمعات والعصور وطرق تحسين المجتمعات، بالتأكيد على ضرورة أخذ ما صلُح من أفكاره لتطبيقها وفهمها وتدريسها، وترك ما عداها من أخطاء و مغالطات ارتكبها ماركس أثناء عرضه لأفكاره.

أما في الفصل ما قبل الأخير، فقد استفاض بشرح نظرية مالك بن نبي عن عوالم الإنسان الثلاثة "عالم الأفكار والمشاعر والأشياء" فكان هذا الفصل هو الأكثر إمتاعاً وفائدة بالنسبة لي. فحكى هنا عن التغيير وسننه وعوامله، وعوامل قيام وسقوط الحضارات.

أما في الفصل الأخير، شرح الكاتب فكر المؤرخ عماد الدين خليل ونظريته التكاملية وشرح نقاطها باختصار، بدءاً من نقطة انطلاق الأمم نحو التغيير وانتهاء بشرح أسباب الانهيار ومسببيه، مع ذكر أهم نصائحه المتعلقة بالتعاضد المجتمعي والأخلاق ووقف الفساد وضرورة الاهتمام بالكيف لا بالكم.

بشكل عام، وجدت هذا الجزء ممتعاً ومفيداً جداً، بخاصة أنني أردت دوماً القراءة عن آراء بعض من المفكرين والفلاسفة دون أن أتخذ لذلك الخطوة الأولى يوماً. فجائني هذا الكتاب عارضاً لما أردت، وشارحاً لما أمُلْت.

أنهيت الكتاب بجلستين فقط نظراً لقلة عدد صفحاته ، ووجدت هذا معيباً لهذا الجزء نظراً لأهمية المحتوى وعمقه.

كان الأسلوب غاية في الروعة، اختصر الكاتب فيه أهم النظريات والأفكار ولخّصها ونقّحها وهذّبها، ثم عرضها على القارئ بأبسط ما يكون العرض، مسهّلاً بذلك الفهم والاستيعاب والتشرّب.

وجدت هذا الجزء عميق المضمون وهامّه، حيث أنه يسلّط الضوء على أهمية النظر إلى الماضي بعين التبصّر والاتعاظ، دون نبذ تامّ له كما يدعو إليه البعض، ولا تعلّق بأسباله والبكاء على أطلاله مع ترك الحاضر يرتع في حمأة التخلف والجمود، ورمي المستقبل بين أنياب الغامض والمجهول دون تغيير ولا فكر ولا عمل.

جزء ممتاز، بفكر وعرض وشرح وتعمّق أميَز. أنهيه وأنتقل لقراءة الذي يليه بإذن الله.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق