فتاة البرتقال > مراجعات رواية فتاة البرتقال > مراجعة نادي الكتاب سجال

فتاة البرتقال - جوستاين غاردر, مدني قصري
أبلغوني عند توفره

فتاة البرتقال

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.8
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

هل أنت مرتاح في جلستك يا جورج؟.. بهذا السؤال يفتتح جون أولاف رسالة التي كتبها لإبنه جورج قبل أن يفارق الحياة مبكرا ساخطا على قصر حياته نادما اشد الندم بل ومتحسرا على زمن آت لن يحضى هو فيه بصحبة ابنة برؤيته يكبر..

كم هذا مؤثر بل أنه أعمق من أن يكون فقط مؤثرا.. لسؤالك هذا يا أبا جورج وقع على قلبي فأغرقه في لجة من شجون جياشة وجعل يغوص حتى سكن على قاع ما في داخلي أعمق من أن يكون روحي..

(هل أنت مرتاح في جلستك ياجورج) أي حب أي حسرة تنضح من هذه الكلمات..أكاد أسمع صوتك جون.. أكاد ألمس كم الحب والحزن في نبرة  صوتك الأجش الذي لم يسمعه جورج منذ إحد عشر عاما.. أم تراه سمعه تماما كماسمعته وأنا اقرأ رسالتك؟

ترى كيف كان حال قلب جورج وهو يقرأ سطورك العتيقة أنت أيها المتوفى..؟ وماذا عنا نحن الذين نقرأها الآن.. ما حال افئدتنا إذا ما جاءتنا رسالة من حبيب عتيق الموت.. ؟ مالذي سنتمنى سماعه منه.. مالذي نريد معرفته عن شعوره اتجاه نفسه.. اتجاه قدره.. اتجاه الدنيا واتجاهنا..؟

أي سر نرغب أن يبوح به إلينا..؟ أي درس من دروس مصيبة رحيلة نحتاج الآن تلقيه منه..؟ مالذي عجز عن اخبارنا به حيا..؟ ماذا نتوقع منه بعد كل هذا الفراق .. والاشتياق والظنون والحسرة والندم .. ومئات الامنيات الجافة .. ؟ آه يا أبا جورج .. تعيث رسالتك في أرواحنا أمنياتا أيقضت كل ذاك الركام..أنجرؤ على تلقي رسالة من عتيقي الموت ..؟ أنجرؤ..؟

(هل أنت مرتاح في جلستك يا جورج).. نحن الذين لم نرتح في جلستنا الآن يا أبا جورج.. فإن لنا من الأحباب من رحل إلى حيث رحلت يا أبا جورج.. رحلوا قبل أن تصحوا أرواحنا من سكرتها بجمالهم .. كانت ثملة أرواحنا بهم .. ثملة..ولك أن تتصور يا أبا جورج كيف تصحو رح ثملة حين تنزع من ثمالتها انتزاعا..

حمدا لله.

حسنا يا أبا جورج.. فلنترك هذا الجانب مما اشاعته رسالتك فينا.. دعنا نلتقط انفاسنا .. دعنا نسكن برهة ليعود الركام ركاما.. ولنتحدث قليلا عن فتاتك .. تلك التي أحالت حكايتك معها إلى أسطورة ذات قواعد لا يفهم لماذا توضع ولا يمكن مناقشتها.. ولا يمكن للأسطورة أن تكتمل إلا بوجودها.. كنت في حبك أسطوريا.. وكان مرضك ثم موتك أسطورة أخرى.. كانت حياتك أساطير في بضع سنين..

لنا أن نتصور يا أبا جورج كم هذا موجع.. موجع أن تسكنك امرأة .. تسكنك يا أبا جورج.. هل فهمت يا جون..؟ تسكنك للحد الذي يمنع أي شيء فيك من السكون .. و يفتح لقلبك مصاريع الخيال فتجنح .. وتؤلف القصة تلو القصة عنها.. عن برتقالها .. وممطرها.. وذاك الذي شاهدته في صحبتها.. ثم تجمع عظيم شوقك وما نفذ من صبرك وتلحق بها فتتكشف لك الأسرار.. وتفهم على غير نهج الاساطير لماذا وضعت فتاتك كل تلك القواعد.. ثم تجتمعان على أمل أن لا يكون هناك فراق ثم تفترقان وبالكاد أثمرت حدائق حبكما الأسطوري هذا.. لنا أن نتصور يا أبا جورج كم الوجع.. ويالها من فتاة فتاتك تلك.. أحبتك.. ثم اختبرتك.. ثم بادلتك هذا الحب حبا.. يالفطنتها.. ويالجمالكما..

أما رسالتك.. فقد كانت سفرا مطعم بالجمال بقدر الألم.. أهدينا فيها للحب تنهيدة.. واستطعمنا جمال الصبر.. وهللنا للفرج.. وكدنا نبكي على الفجيعة.. ووقفنا طويلا عند سؤالك الكبير الخارج من رحم السخط والخوف والقهر .. (مالذي كنت ستختاره لو اتيحت لك الفرصة .. ) وضعت جورج بين أمرين لا خيار ولا اختيار له فيهما..(هل كنت ستختار العيش وقتا وجيزا على هذه الأرض...... ردحا من الزمن..... ثم تنزع منها...... لا تعود إليها أبدا..... أم.... سترفض العرض ليس إلا..؟) من له الخيرة يا أبا جورج..

وفي ختام لم نشأ أن نختمه.. السيد جوستاين غاردر شكرا على كل هذا الجمال.. السادة دار المنى نرفع لكم القبعة ونصفق طويلا على هذا الاختيار.

Facebook Twitter Link .
3 يوافقون
اضف تعليق