قراءتي الثانية لساراماجو بعد روايته العمى، وبالبداية أحسست بتشابه كبير بينهما إلا أنني كنت مخطئة، فهذه الرواية هي عمل متفرد أكّد لي عبقرية الكاتب التي لا يمكن الشك بها.
يمكننا تمييز جزءين في الرواية وهما مختلفان تماماً يربطهما خط بديع حاكه ساراماجو ببراعة.
يبدأ روايته بتصور البلاد دون أن يحل الموت بها، فيغدو سكانها خالدون، كان يمضي بخياله بعيداً كما يجب. وبعدها بدأت معه ما يشبه مسابقة للتخيّل، لتخيل ما يمكن أن يحدث في دولة كاملة بدون موت! المرضى، القتلى والذين لن يموتوا وغير ذلك..
بعد ذلك يبدأ ساراماجو بالجزء الأروع وهو الذي يتناول فيه الموت من ناحية فلسفية ووجودية، حيث يمثل لنا الموت على أنه شخص ومن ثم امرأة. لقد جعلنا نرى الموت من منظور الموت نفسه!
بالطبع لم ينس الكاتب حسه الفكاهي طوال الرواية، مما أضفى عليها طابعاً ساحراً أيضاً.