عندما شرعت فى قراءة الرواية ، نسجتُ فكرتها فى مخيلتى قبل أن أبدأ فى قراءتها ، بأنها رواية تسلط الضوء على الرهبنة ، والراع الكنسى القديم ، لكن عندما قرأتها وجدتُ شيئاً إن لم يكن أشياء مختلفة تماماً عن التى تصورتها ، الحقيقة أنى حاائرٌ فى لحكم على هذه الرواية ، ففى أحيان تشدُّك أحداثها حتى لا تكاد أن تضعها قبل أن تقرأها كلَّها دفعة واحدة ، وأحايين أخرى تملُّ من السردِ ورتابته ، فلا تكاد تقدر أن تقرا ولو صفحة واحدة .
لذا فإن حكمى عليها يتأرجح بين الحسن وما بين الممتاز ، وفى كلا الحالتيين ، هناكَ مبررٌ على ما أقولُ ، الرواية تقعُ فى منزلة الحسن ، بسبب تخبّط المشاعر التى سيطرت عليكَ أثناء القراءة ، ما بين التشوسق ، وما بين السرد الممل ، وترقى إلى درجة الممتاز ، وهذا هو الرأى السائد عنها ، فى أن يوسف زيدان أتى بشئ جديد ، ربما لا يتكرر كثيراً ، فى أن وضعَ للرواية ألٌ تاريخى ، فى وجودِ رقائق ، كما أبرز فيها شخصيته من خلال الهوامش التى كان يذيل بها صفحات الروايةِ فى بعضِ الأحيانِ ، وهذا شئٌ قلّما يحدث .
الشئُ الذى لم يعجبنى فى الرواية ، هو قيام يوسف زيدان بخلعِ عباءةِ القداسة والطهارة على الراهب " هيبا " ووقوعه كثيراً فى أخطاء ، هى فى شرع الرهبنة أخطاء لا تغتفر ، فضلا عن استطراده فى وف المشاهد الجنسية ، وهذا لا يليق فى حضرة حديثه عن الرهبنة .
الشئ الذى أعجبنى أيضاً ، هى اللغة المرهفة العذبة ، التى لائمت إلى حد كبير جداً ، جو الفكرة التى يدور حولها الكاتب ، فهى لغة أدبية ، صوفية ، تلائمُ لغة الرواية ، وفى ذات الوقت تلائم المناجيات الوفية التى كان يناجى بها " هيبا " إلهه .
من أكثر المشاهد التى نالت إعجابى حقاً هو الحوار الذى دار بين " هيبا " و" عزازيل " :
-هيبا ؟
- ماذا تريد يا عزازيل ؟
- اريدك أن تفيق يا هيبا ، مما أنت فيه .
- الإفاقةُ فقرٌ ، وفاقةُ الغيبةِ أحلى
- " أنا يا هيبا أنت ، وأنت هم ، ترانى حاضراً حيثما أردتُ ، أو أرادوا ، فأنا حاضرٌ دوماً رفع الوزر "
- " ولأن لكلِّ شئ نقيضاً ، أفردنا للشرِّ المحضِ كياناً مناقضاً ، لما افترضناه أولاً ، وسميناه عزازيل وأسماءً كثيرةً أخرى .. "
رأيت ضعفي في كل مواطن ضعفه
أخافني في آخره بأضعاف ما أراحني في أوله
أخذنى إلى مكانٍ بعيدٍ ، ثم تركنى ، وحسب ..