يبدو أن أغوتا تريد أن تتعبنا معها في هذا الجزء . كأنها تقول لنا لقد كنت طيبة معكم بما فيه الكفاية في الجزئين الأولين . الآن في هذا الجزء الثالث سأجعل اللبيب حيران ..
طبعا الثلاثية برمتها كما هو واضح رواها الشقيق الذي عبر الحدود (لا يهمنا إسمه الآن) ، لأنه هو آخر من إنتهت إليه الدفاتر كلها . بمعنى أننا كلنا الآن صرنا تحت رحمته . فكل أبطال الرواية ماتوا و لم يعد أحد يستطيع أن يكذّب أو يثبت .. إذن اللعبة مغلقة .
روى لنا هذا الشقيق أحداث الجزء الأول "الدفتر الكبير" على لسان الشقيقين معا دون أي إنفصال : نحن !!
ثم روى لنا أحداث الجزء الثاني "البرهان" عن الشقيقين منفصلين هذه المرة لكن بضمير الغائب ، هو !!
الى هنا كانت هذه هي القصة كما قدمها الى الجهات الرسمية لتكون برهانا على صدقه ، لكن الجهات الرسمية لم يصدقوها، إذ لم يعد بالإمكان التثبت من صحتها ، بل حذروه أن يُرمى بالجنون إن أعاد روايتها لأحد .
هنا جاء الجزء الثالث ، أو "الكذبة الثالثة" . و هي مروية بلسان هذا الشقيق ..أنا . فيصدمنا بقوله:
"... و أقول لها إنني أحاول ان اسرد قصتي ، و لكنني لا أستطيع ، و لا أملك الجرأة ، لأنها تؤلمني ، و لذلك أجمّل كل شيء و أصف الأمور لا كما جرت بالفعل بل كما كنت أود أن تجري .."
و يفاجئنا في هذا الجزء بقصة مختلفة تماما . و لا أحد يدري ، هل القصة الأولى هي تجميل للثانية أم أن القصة الثانية هي تجميل للأولى .
فلن يستطيع أحد أن يعرف أي القصتين أصح .. كل قصة هي كذبة بالنسبة للقصة الأخرى . و كل قصة هي حقيقة بالنسبة للأخرى . إذا عليك أن تقبلهما كما هما لأنهما أيضا توأمنان .
لكن الأمر لم ينتهي هنا ، كان لا بد من نهاية تلتقي عندها كل التوائم (القصتين و الشقيقين و الكذبتين و الحقيقتين) .لكن لا تفرح كثيرا .. لأن هذه النهاية بالذات قد لا تكون سوى ...... الكذبة الثالثة !!