دعاء الكروان > مراجعات رواية دعاء الكروان > مراجعة سيد محمد قطب

دعاء الكروان - طه حسين
تحميل الكتاب

دعاء الكروان

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

ها هو ذا طه حسين ( 1889 - 1973 ) بعد أن تأمل ذاته في مرآة أيامه يعيد قراءة الشرق والغرب في روايتيه "دعاء الكروان" و"الحب الضائع".

إن صاحب "دعاء الكروان" و"الحب الضائع" يقوم بدور تربوي منطلقا من التزام المبدع الذي يشاهد العالم وهو يدمر نفسه بعد الحرب العالمية الأولى التي لم تلبث أن أسفرت عن حرب عالمية ثانية خاضها الإنسان دون أن يتساءل عن جدوى هذا الصخب الناري الذي يبتلع التحضر ليؤكد أن الإنسان مازال في أولى مراحل التعلم، وأن عليه مهمة ثقيلة هي إعداد نفسه لميلاد جديد حر يكون فيه قادرا على مواجهة أنساق الظلم التي يمارسها الآخر بوضع اليد والسوط، بوضع أحقية غير مبررة في امتلاك الروح الحرة والجسد الذي لا يخصه، ومن يمتلك ذلك في تعامله مع الآخر من خلال ثنائية (المذكر والمؤنث) سيمارس الدور نفسه في لعبة الحضارة بتأكيد مفهوم الاحتلال وما يستتبعه من فرض الرأي والإرادة ونمط الحياة على الآخرين والاستحواذ على مقدراتهم دافعا الإنسانية إلى هوة الوأد الثقافي.

تبدأ عملية التربية أو الإعداد منذ الطفولة، إن المجتمع يشارك في صنعها على نحو إيجابي أو سلبي، لكن وعي الفرد بها لا بد أن يكون قويا وعميقا لدرجة اليقين، هكذا تمارس "آمنة" رحلة تكوين نفسها بعد أن شاهدت ما حل بأسرتها من ضياع يحدث أمام الرجال المسئولين الذين يتساقطون أمام ناظريها مرة في مصير الأب الذي تقتله نزواته ومرة في مصرع شيخ الخفراء بخوفه ومرة في خذلان الخال الذي ينفي أخته وبنتيها مستمتعا بحياته ثم يقتل الابنة "هنادي" ليتخلص من سقوطها ضحية ذكر خائن لم تغيره قشور المدنية.

في خروج يختلف – بالطبع - عن خروج "نورا" من "بيت الدمية" عند "هنريك إبسن" تغادر "آمنة" عائلتها القاهرة المقهورة لتتعلم وحدها، تتعلم من الحياة ممثلة في ثلاث نساء: "زنوبة" التي خبرت الرجال وتعاملت مع غرائزهم بما يحقق لها وجودا قويا في عالمهم، و"خضرة" الدلالة التي تجيد معاملات البيع والشراء في سوق البشر، و"نفيسة" العرافة بائعة الوهم في مجتمع تسوده الأوهام، لكن "آمنة" تتعلم من الكتب والأوراق والأقلام أيضا مثلما تتعلم من قراءة النفوس والأحوال وهذه القدرة على التعلم هي السمة التي ميزتها عن أختها وحمتها من السقوط، حتى قامت بدور شهرزاد التي تحكي قصة الحياة كاملة للمهندس، فيدرك أنه لم يقم بدور في بناء العالم وإنما في خراب النفوس، ويتغير مصرا على أن يؤدي مسئوليته تجاه تلك (المرأة/ الحضارة/ الإنسانية) فقد عاش طفلا نزقا يحصل على ما يريد خادعا (الآخر/ المؤنث) بالكلمات حاصدا اللذة ومصدرا الألم والهوان والضياع والموت كما فعل مع "هنادي" التي لم تتشكل ثقافيا لتدخل إلى دائرة الذهن والفكر وظلت في مرحلة المشاعر التي تفتح الباب إلى الغريزة فكانت كبش فضاء لأختها أو القرينة التي لم تتطور فانتهت.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق