تقدم الكاتبة الفلسطينية"سوزان أبوالهوى" تاريخ لوطنها فى شكل حكاية انسانية ، نقترب أكثر من تأثير المناورات سياسية ، ومؤامرات الدول العظمى ، و الصفقات القذرة وضياع الأوطان على حياة الناس العاديين ، كيف تتحول أسرة ضاربة بجذورها فى تاريخ البلد ، صاحبة أراض وحقول زيتون وبيوت حجرية وحدائق للورود لأسرة لاجئة ومشردة تعيش فى الخيام ، وبيوت الصفيح تتكدس فى بقعة صغيرة من أرض فلسطين ، موطنهم الأصلى ، بينما يصبح الغريب هو المالك وصاحب الأرض والبيت ، بل ويدعى ملكية تراث وتاريخ وآثار شعب آخر .
لم تستعمل الكاتبة أسلوب تقليدية عند سرد الأحداث التى تمره بها شخصيات الرواية، إذ جعلت آمال ويوسف يتناوبان فى رواية مأساة أسرتهم ، و كل مايحيط بها من أصدقاء واقارب ومعارف ، لم يكن هناك تسلسل زمنى مرتب ودقيق ، فالكاتبة كانت تعود بآمال سنوات طويلة لطفولتها ، ثم تقفز إلى أحداث حاضرها ، قبل ان يتقاطع معها يوسف فى سرد بعض الحوادث والوقائع خاصة المتعلقة بخروجه برقفة والده لقتال الأسرائليين فى حرب 1967 ، أو فى مشاركته فى النضال المسلح مع منظمة التحرير الفلسطينية .
كانت الشخصيات المنتقاة ضمن الكتاب الروائى تقليدية لاتحمل أى مسحة تفرد من حيث تركيبتها النفسية او خياراتها او تفاعلها مع الأحداث ، يمكن لمن قرأ اعمال غسان كنفانى او سميرة عزام و سحر خليفة وأسماء عربية تناولت قضية فلسطين أن يعثر على مثيلاتها .
لم أشعر فى البداية بأى حماس لمواصلة القراءة بعد 30 ورقة الأولى ، إذ كانت الصور المقدمة حول حياة أسرة ابوالهيجا قبيل النكبة من تلك الشائعة والرائجة فى الاعمال الروائية الفلسطينية او العربية حول فلسطين حتى تكاد تصبح من الصور المقولبة والنمطية، و كدت اتوقف عن القراءة بعد حادثة ضياع اسماعيل إذ وجدت نفسى أمام مشهد منقول من رواية كنفانى "عائد لحيفا" ، مشاهد اللجوء جعلتنى استحضر العمل التلفزيونى الشهير "التغريبة الفلسطينية" ، لوحات الفنان الفلسطينى الكبير "اسماعيل شموط " ، كما أن حكاية مغادرة كل سكان القرية لم تكن دقيقة كما اكتشفت بعد البحث عبرالانترنت .
ربما تناول علاقة آمال بوالدها وقضائهم لساعات الفجر معا بصحبة كتاب ماشدنى لاكمال باقى الرواية ، فحرص الأب المرهق والمثقل بالهموم على مشاركة ابنته الصغيرة قراءة الكتب الأدبية التى يحب، أشعرنى بالامتنان للكاتبة لتقديمها علاقة انسانية جميلة ، ضمن ظروف شديدة الصعوبة على اللاجئين، ومن هنا جاء عنوان الرواية "بينما ينام العالم" .
اعتقد أن العنوان حمل مدلول اعمق من مجرد وصف رابطة روحية بين أب وابنة ، فهو يعكس حال الاجئين الفلسطينيين وماتعرضوا له من مجازر وحشية وفضائع على أيدى اسرائيل ، بينما ينام العالم او يغمض عينيه عن تلك الجرائم المروعة ، ويحول الضحية إلى متهم بالارهاب .
لقراءة التكملة : ****