ثلاثية غرناطة > مراجعات رواية ثلاثية غرناطة > مراجعة نزار الدويك

ثلاثية غرناطة - رضوى عاشور
تحميل الكتاب

ثلاثية غرناطة

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

الجزء الأول- غرناطة

أي أندلس هذه أندلس المسلمين في أوروبا أم فلسطين بحادثاتها منذ بدايات القرن الماضي؟

عشت بدايات الأحداث في الرواية كما عشتها واقعا في فلسطين. الضعف والتفرق الذي يوصل الدول الى الاستسلام الصريح أو الاتفاقات المذلة .وفي غرناطة واتفاقية التسليم كما في فلسطين واتفاقية أوسلو ... بعد الضعف استسلام مذل لعدو ماكر لا يلتزم بعهد أو ميثاق. وعزة الناس بالمقاومة وتقديرها لها حتى بدون ان تحقق هذه المقاومة انجاز يذكر او يترك أثرا في حياتهم. وانقسام الناس بين من يريد هذه المقاومة ويتمنى لها الانتصار وبين أصحاب المصالح ومنطقهم في اعتبار المقاومة مؤذية وضارة.

أبدعت د. رضوى عاشور في وضع التاريخ بقالب جميل سلس مشوق ما أن تبدأ القراءة لا تستطيع أن تترك الكتاب. تتنقل بين الشخصيات وبين الأحداث بكل سهولة.

التفاصيل التي تسردها القصة في غاية الجمال والدقة تقرأ وكأنك تشاهد صورا حقيقية. تبدع في التصوير وكأنك تشم الرائحة وتشعر بدرجة الحرارة وتتذوق طعم المأكولات.

تسير بك الرواية في تسلسها الزمني كنهر يجري في الزمن اذا نظرت اليه تظن ان شيئا فيه لا يتغير في حين أن كل ما فيه يتغير وكذا فعل الزمن بكل شخصيات الرواية من أبو جعفر ونعيم وسعد الى هشام وعائشة.

تنوعت الابداعات في الرواية فطرقت بعضا من أبواب النفس البشرية وتنوعها، عادات الناس وطبائعهم وانعكاسها على حياتهم. دخلت في بعض التفاصيل المعمارية الجميلة فتحدثت عن بيوت وحمامات واسواق. تحدثت عن شيئا من الدول وصعودها وسقوطها. طرقت شيئا من علاقات المدن والشعوب وتبادلاتها.

طرحت د.رضوى تساؤلات عبر شخصياتها عن محظورات النقاش في العالم العربي خصوصا تساؤلات حول الله وحول الموت والحياة.

واخيرا وصفت وبعمق أحداث ذلك الزمان وأظهرت بشكل عميق وواعي الصراع على السلطة والمال الذي لبس ثوب الدين وذلك في الجزء الاخير من خلال أحداث محاكمة سليمة.

أعجبني وبشدة تركيزها على أن العداء الأكثر قسوة هو العداء للكتب بما تمثلة من مخزون حضاري وأن الأنتصار الأكبر هو الانتصار للكتب والمحافظة عليها. قالت الرواية بشكل واضح وقوي أن من يكره الكتب هو الطاغية الظالم وأن من يحبها ويحافظ عليها هو المنتصر الحقيقي وان أُحرق.

الجزء الثاني - مريمة

تبدأ الكاتبة هذا الجزء بحلم فيه أملهم يريدون النصر وعودة عزهم وكرامتهم ثم تكون الحقيقة. أقوى حقيقة خلقها الله وتموت مريمة.

أبدعت رضوى عاشور باظهار قوة المرأة وقدرتها على التحمل ووفائها. مريمة حافظت على أبو هشام وربت علي وتقبلت نعيم واعالت الجميع. مريمة ذات اليد الخضراء صاحبة البستان المورق الشذي.

مريمة الصبر والحكمة

كما في كل الرواية ابدعت في الوصف والتنقل بين الاماكن وبين الازمنة.

يقول مالك بن نبي الفيلسوف الجزائري "عندما تغيب الفكرة يبرز الصنم" وتؤكد رضوى عاشور على هذه القاعده في هذا الجزء والجزء الذي يليه حيث ابتعد الزمان بعرب الاندلس عن العقل السليم لكثرة تعرضهم للتجهيل والتعذيب والمصائب من كل الاشكال والانواع فباتوا يتعلقون بحبال الاحلام والتمني وباتوا يثقون بالتمائم اكثر من ثقتهم بالبشر.

الابداع الكبير في كل هذا انهم لم يتنازلوا ابدا عن حق المقاومة لم تُنسَ في اي مرحلة او تحت اي ظرف توارثوها جيلا عن جيل وان دفنت في بعض الاحيان او أخفوها في الاقبية وفي الدهاليز الا انها كانت حاضرة كما الكتب في عين الدمع او في صدور الكبار.

كان من الرائع استخدام الكاتبة لعلي بن هشام وتوظيف هذه الشخصية من الطفولة الى نهاية الرواية بما مثلة من صواب وخطأ وجهل وتعلم وثبات وتنقل وصداقات وعداوات.

في الجزء الاخير من هذه الثلاثية قطعت الراوية في نهايتها علاقتنا الحسية بالاندلس فليس بعد علي نسل ولا جيل جديد ابقته وحيدا بلا خلف ورحل الجميع الى المغرب. ولكنها أبقت المدن والقرى وابقت غرناطة والبيازين والقرى المهجورة والقرى العامرة التي هجرها العرب في لحظات الرواية الاخير. ابقت ما هو منتج وممتد أبقت الزيتون بما يمثلة في وجداننا من الأمل. وابقت الكتب ميراث العائلة ميراث العرب في الاندلس مدفونة في صندوق العائلة الاندلس في ارض البستان البستان الاندلس في البيازين بيازين الاندلس في غرناطة غرناطة الاندلس.

ابرز ما شدني في هذا الجزء هو أن الجهل قطعا يؤدي الى الظلم والظلم قطعا ماحق وأشد ظلم هو ظلم المظلوم للمظلوم ففي حكاية كوثر اعلان واضح لكل ما يعيب الحياة من خطأ الاخت وحملها بالزنا الى معالجة الاهل للخطأ بقتلها وجنينها الى تقولات أهل القرية الى وشاية كوثر وفضحها الامر الى رجال الديوان حتى ضياعها ثم قلتلهم اياها.

أخيرا لم يفت هذه المبدعة في هذه الرواية أن تربط الاندلس بالقدس بكل وضوح واصرار ولم تكن الرسالة عابرة تلك التي ربط القدس المحررة في زمن الاندلس المحتلة ولم تكن الرسالة عابرة تلك التي ربطت القدس المحتلة بالاندلس المحتلة. والجمال كل الجمال كان في ترك الاسئلة مفتوحة لنا نحن لنجد لها الاجابات.

شكرا رضوى عاشور

Facebook Twitter Link .
4 يوافقون
اضف تعليق