سمراويت > مراجعات رواية سمراويت > مراجعة طاهر الزهراني

سمراويت - حجي جابر
أبلغوني عند توفره

سمراويت

تأليف (تأليف) 3.9
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

(رواية (سمراويت) للروائي الإريتري حجي جابر، هي الرواية الحائزة على المركز الأول في مجال الرواية بجائزة الشارقة للإبداع العربي العام الماضي، وقد صدرت عن المركز الثقافي العربي.

***

(سمراويت) رواية مشحونة بنصف حنين، ونصف غربة، ونصف وطنية، ونصف انتماء، ونصف وحشة، وصفحات شاسعة من الهوية المتشظية.

في الرواية تحضر الأوطان والأوطان البديلة والتاريخ، والخط المتوازي للأصل والبدل..

سمراويت تقع بعض أحداث الرواية في جدة، تحديدا في مكان خصب يعج بالحكايات والحنين والألوان والأطياف الاجتماعية المتجانسة، (النزلة اليمانية) ذلك المكان الذي بدأ يتقلص شيئا فشيئا لتتهتك الذكريات، ويتكدس الإسمنت لتبنى الأبراج، لهذا كان الشغف بالمكان يدفعني للبحث عن هذا العمل.

في رواية حجي يتحدث عن الهوية القلقة، هوية يعرفها ويعيشها كل من كان له وطن بديل، وهو شعور خفي وقلق يعبث في نفوس البشر عندما يعيشون في أوطان ليست لهم، فهو يعيش غربة طارئة ليصطدم بغربة أخرى عندما يذهب لبلده.

***

" في السعودية لم اعش سعودياً خالصًا، ولا إريترياً خالصاً، كنت شيئًا بينهما" لكن جدة وحدها تلم شعث الشعور المضطرب " كانت جدة مملكة قائمة بذاتها لأنصاف المحرومين مثلي، فمقدور هذه العجوز كما تفعل دائما أن تمنحني لبعض الوقت شعوراً ولو مزيفاً بالاكتمال..وقعت في غرامها وحدها، لم أستطع ..أو ربما لم أشأ أن أتشظى وجدانيا في هذه المساحة الهائلة التي تتألف منا المملكة.. لم تكن جدة مجرد مدينة حتى تستسلم بهدوء لعوامل التعرية التي تطال أعمق ما في المدن، كانت بمثابة الحاضنة لتشكل وعينا ووجداننا حتى الذاكرة..لم تكن جدة (مكاناً والسلام) تلم شعث تشردنا بعد أن انتقلت إريتريا من الجغرافيا إلى حواف الذاكرة"

هذا الشعور يكون أصدق في الحي القديم " في النزلة الإذاعة والصخرة وشاهر والبدو والنزلتين والعسارية ..تحكي مشاوير الظهيرة وغزوات استرداد الكرامة..النزلة إريترية الهوى وكأنها نسخة مصغرة من ذاك الغائب، تزدحم شوارعها بالأباء الطاعنين في الغربة، يلوذون ببعضهم عقب كل صلاة، كأنهم في صلاة أخرى..هذه المرة كي لا ينسوا.. وحدها النزلة ترسم حدود سطوتي وعشقي وكبريائي وانكساري، تراب الحي القديم يحتفظ بغبار العابرين الأوائل، تمنحهم أسماء وملامح وعشقاً دون أن يصفعهم : من أنتم ؟..كنا ناسها الذين يشبهونها حد التطابق"

"لم أكن إريتريا خالصاً، لأني كنت مشغولاً بالأهلي، وعبادي، والحلقة الأخيرة من أصابع الزمن"

***

غير أن المكان في الرواية من الناحية الفنية لم يتجاوز الشكل، وهذا يتضح في الكلام عن اسمرا وجدة، فقد وجدنا شكل المكان وهيئة المدينة، لكن لم نجد ذاك العمق، فثقافة المكان شبه مغيبة، والعادات والتقاليد، والأطياف، والحكايات، وفلسفة الموروث وغيرها من العناصر التي تترك للمكان أثر حيا ملموساً على الأحداث والشخوص.

رغم هذا أحببت أسمرا، أحببت طريقة الحديث عنها، وعن تاريخها ونضالها وحميمية أجوائها، والشاطئ الذي استقبل الصحب الكرام ذات زمن..

***

لغة الرواية كانت شاعرية سلسلة، لولا دخول لغة الصحافة عليها أحيانا.

المقارنات الثنائيات والأحداث التي سردت بخطين متوازيين بين جدة وأسمرا عزفت بشكل بارع وجميل، وكانت إشارة إلى وعي الكاتب بالفن والسرد، لولا وجود بعض الفصول المجانية التي لم تقدم شيئا للنص.

وبلا شك أن هذه الملاحظات البسيطة لا تقلل من تجربة أولى ثرية وبارعة، تستحق الإشادة والقراءة.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق