366 > مراجعات رواية 366 > مراجعة سماح ضيف الله المزين

366 - أمير تاج السر
تحميل الكتاب

366

تأليف (تأليف) 3.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

367

(حكاية التهام لرواية 366)

أسماء..

يوم أن تصل إليك رسائل المرحوم، وإن وقعت تلك الرواية بين يديك، سيدلك قلبك على صفحة عتابي تلك. لك الحرية المطلقة في أن تعتبريها رسالة اليوم 367 فتقرئيها على هذا الأساس. كما أن معك الرخصة أيضاً في ألا تعتبريها شيئاً على الإطلاق!

هذا بالضبط ما أود كتابته حتى لو علمت أنني لن أنتهي منه، حتى لو أنفقت فيه عمراً وليس يوماً فحسب، وهل يكون العمر إلا ثانية أو لحظة واحدة مهما اتسع وقدر ما انغلق.. تختصره لحظة، تختصره كلمة أو رواية أليمة كـ366؟ هذا ما أمتلئ به الآن بعد أن فرغت من قراءة الرواية التي أفرغتني بكاملي من محيطي الحالم إلى مكبّ الأسى.. هل يوجد مثل ذلك فعلاً يا الله!

ها أنا من جديد وجها لوجه مع حكايات "أمير تاج السر" التي إن جذبني إليها سر أعجزني فيها ألف سر! ولم يخطر لي على بال أبداً أنني سأتفاعل مع قصص الحب العربية إلى هذه الدرجة، لم أؤمن لحظة من اللحظات أن هناك حباً عربياً قد يتجاوز عشق الجسد، إنني أشفق منها على القارئ العربي لكنني أشهد أن حضور اللحظة الحميمية لدى تاج أمير السر – حتى الآن – هي عفيفة وغير ذات إيحاء مخجل أو انكشاف مقرف.

لعل أجمل ما في مجمل الرواية أنها تقف بين بين، فلا هي مغرقة في التظلّم ولا هي مثالية حدّ الرتابة.. إنها تبدو لي حقيقية ككل تفاصيل الحياة السودانية التي بتُّ أحفظ أغلب تفاصيلها بعد قراءة الكثير للرائع/ الطيب صالح وابن أخته (تاج السرّ) الذي ابتلاني الله مؤخراً بشيء يشبه الحكة في الأعصاب إن عرفت أن واحدة من روايته توفرت قريباً مني ولم أقرأها بعد.

والحقيقة أن شخصية بطل الرواية الذي لم أستطع أن أستبين إن كان قد ذكر اسمه أم لا، شخصية خصبة بالعجب والغرابة مليئة بكل ما هو متناقض وغير قابل للنمو في بيئة واحدة، لكنني سأقسو عليه كما قسوتِ أنت عليه وكما قسا الصديق يا أسماء.. ليس لأنني قاسية أصلاً.. بل لأنه أنانيّ ولم يحسب حساب الكثيرين الذين دمعت عيونهم لنهايته، حتى ولو كانوا متطفلين ومرضى نفسيين أو قذرين وحثالة!

غير أنني أدين للجنيات اللاتي يساعدن أمير تاج السر في اختراع الحكاية، في استنباطها حتى، أو رؤية العاديّ مختلفاً، والقراءة النفسية لكل تفصيلة صغيرة، لأنهن جعلنني أشرد مدة غير قصيرة في اللغة اللؤلؤية البسيطة الموغلة في العمق والتي أبتلعها كأنني أبتلع كأس ماء مثلج بينما حنجرتي مجروحة في يوم شديد الحرارة، قلبي ينبض بشدة وصراع الألم واللذة قائمان، جروح حنجرتي كأنها برق يشق صدر السماء، لكن لهاث أحشائي الملتهبة يجعلني أطفئ كل ذلك أتغاضى عنه وأستمر في نهل الماء المثلج.

مرة أخرى – وبالرغم من ألمي الكبير على المرحوم – أجد جوارحي مجتمعة تصفّق للراوي وللقصة الذكية الجميلة، أنفاسي تتلاحق وجوارحي تتسابق لتقرأ الفصل القادم، بينما لا أستطيع السيطرة على نفسي فأعود وأقرأ مرة أخرى، وثانية وثالثة ورابعة حتى، لأصل إلى زبدة الفكرة التي التقطتها منذ أول قراءة، ومنذ أول لقاء بين قلبي والحرف الموغل في البداعة، بينما لا أستطيع أن أصنف الرواية بشكل علمي بحت، أو موضوعي.

تلك الشخصيات الرهيبة التي يصنعها الدكتور تاج السرّ تستطيع فعلاً أن تعبر عن الشعب السودانيّ بشكل أنيق وهادئ، بينما يختبئ النقد السياسي، والتاريخي والاجتماعي والثقافي المؤدب في التفاصيل تجد أن ما يطفو على السطح صورة بسيطة جداً ككل الشعوب العربية لبطل يتوهم وهماً ويلاحقه، أو يحلم حلماً ويصدقه.. على وزن ذات المنظومة التي يشملها المثل العربي: "يكذب الكذبة ويصدقها"

ربما كان تخصص الدكتور السرّ في الطب إلى جانب رحلاته وانفتاحه وثقافته الناضجة جداً عوامل مهمة ساعدته في ذلك كثيراً، إلا أنه إنسان يحمل قلباً لا يحمله كثيراً في الحقيقة بل يتركه في المكان الذي تتربى في كنفه قصته القادمة، لا أدري كيف يستحضره ويتعامل مع الجميل بذات النبل، ومع أن البعض سيجدني أبالغ إلا أن ذلك جليّ وواضح ويتبدى لمن يتعامل معه لأول مرة.

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
3 تعليقات