دائماً ما كان لديّ قاعدة : الكتاب الجيّد؛ هو ما يترك للقارئ أسئلةً أكثر من الاجابات التي يقدّمها له. دائماً ما كان طرح السّؤال أهم من الوصول الى الإجابة، والجرأة المطلوبة لطرح السؤال المُحرّم، أكبر بكثيرٍ من الجرأة المطلوبة للإجابة عليه.
ميلان كونديرا، ملك المجاز، وسيّد الرمزيّة. يضع بين يدينا كمّاً هائلاً من الأسئلة، تاركاً لنا محاولة الإجابة، والفشل في ذلك. أكاد أجزم أنّنا لو سألنا 50 شخصاً من قُرّاء هذه الرواية عمّا قصده كونديرا بالخفة والثقل، لن نصل الى إجابتين متشابهتين .
كونديرا ينهال على عقلك منذ البداية –كما يليق بأديب بحجمه- من دون أن يترك لك مجالاً للتنفّس حتى. يجبرك على الانغماس بين كلماته منذ الفقرة الأولى. توماس .. تيريزا .. سابينا .. فرانز، الرواية لم تدر حول حياتهم، ولكن حول حياتي أنا وأنت وكلّ قارئ.
هل يفترض بالحبّ أن يكون خفيفاً؟ .. صراعاتك مع نفسك، هل هي بالثقل الذي تعتقده؟ .. ما هو مكمن الخفة في السعادة ؟ .. ومكمن الثقل الذي نشعر به عند الكره، والحزن ؟ .. ألم يكن من ذلك بدٌّ حقّاً يا كونديرا؟ ..
هل الخفة أحياناً أفضل من الثقل؟ أم هي دائماً كذلك؟
ميلان كونديرا ، كائن لا تحتمل خفّته .. الرواية ، كما يجدر بها أن تكون .