سمراويت > مراجعات رواية سمراويت > مراجعة Khadija Al-Saedi

سمراويت - حجي جابر
أبلغوني عند توفره

سمراويت

تأليف (تأليف) 3.9
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

بين جدة و أسمرا، حي النزلة اليمانية و ختمية، “اشبك يا واد” و “سنّي ما سيام”، عبادي الجوهر و إدريس محمد علي… مقتَسمًا و متشظيًا بين هذه الأشياء، يكتب حجي جابر، “بنصف انتماء، و نصف حنين، و نصف وطنية، و نصف انتباه.”

لم يكن إرتريًا خالصًا “لأن القلب اختلط بقلب فلم يعد مجديًا معرفة أين يبدأ الأول و أين ينتهي الآخر، ولأن العمر كان يتمدد إلى الأمام بينما كاد ينسى كيف يلتفت خلفه.

و لم يعش سعوديًا خالصًا رغم الصرخة الأولى، والعثرات التي انتهت وقوفًا، و غبار الحارة، و عجين الخبز.”

حتى فصول الرواية التي تتابعت بالتناوب بين جدة و إرتريا، لم تكن خالصة الانتماء للمكان الذي تحكي عنه؛ فالفصل الذي تدور أحداثه في جدة يتصدره اقتباس شعري للإرتري محمد مدني، و الفصل الذي تدور أحداثه في إرتريا يتصدّره اقتباس شعري للسعودي محمد الثبيتي.

بعد ثلاثين عامًا، انتبه الراوي أنه “يعيش بنصف قلب، و نصف رئة، و نصف عقل” فقرر السعي نحو الاكتمال، و السفر إلى وطنه على الجهة الأخرى من البحر. “غريب أن لا يتطلب الأمر أكثر من ساعتين، بينما قد ينقضي العمر كله قبل انقضاءها. غريب أن يكون الوطن قريبًا إلى هذا الحد، أن يكون في الجوار، أو في الشارع المقابل، و تفصله كل هذه السنوات.” لهذا، أكّد، في أكثر من موضع، بأن لا مكان – مهما كان- يقوم مقام الوطن، حتى لو كان في أسوأ حالاته السياسية أو المعيشية، و كأنه يحاول تنبيه الإرتريين بعد أن تأخر انتباهه سنوات طويلة.

عرفت، بوصوله لإرتريا، و حديثه الشيّق مع “سعيد”، أشياء ما كنت أعرفها من قبل؛ الاستعمار الإيطالي، و صراعها مع الإثيوبيين المدعومين بالقوة الشيوعية، و من ثم الصراع بين جبهة التحرير و “الشعبية”. لم أكن أعرف عن إرتريا أكثر من حكايات الهروب و التسلل المنتهي بالموت في كثير من الحالات.

في رحلة البحث عن الذات، و السعي إلى اكتمال الأنصاف، و في أحد مقاهي أسمرا، يلتقي زائر الوطن -المغترب في جدة- بزائرته -المغتربة في باريس- “سمراويت”، و تمضي الرواية في ترقّب محموم لوطن جديد يجمعهما معًا.

بدت روح الكاتب الهائمة بين السطور على درجة كبيرة من القرب و الألفة و الحميمية، شعرت وكأنني أعرفه، أو قرأت له من قبل، فثنائية المكان، و الوطن، و الهوية، و الأحداث، و التمكن من السرد لا تشبه المحاولات الأولى.

كانت رواية تأملية، عذبة، متماسكة، بغلاف لم يعجبني، ولا يتفق مع مضمونها!

للتو انتهيت منها، “طعمها لا يزال في فمي و أحداثها طازجة في رأسي”. و ضعتها جانبًا و أنا أردّد منتشية: “طُعُم بُون”، و هي هنا إقرار “أنثوي” خالص بروعة الرواية، والاستمتاع بالرفقة “القلقة” طوال القراءة.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق