حياة باي > مراجعات رواية حياة باي > مراجعة Mohamed Janazreh

حياة باي - يان مارتل, سامر أبو هواش
أبلغوني عند توفره

حياة باي

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

انتهيت للتو من قراءة (حياة باي). لقد ملأني (يان مارتل) بالذهول للحد الذي لربما دفعني غدا إلى قراءتها ثانية. أما زلت تفضلين حكاياتي عن الكتب التي تعجبني على قراءتها؟

( ليس أجمل من كتاب جيد إلا بريق عينيك وأنت تتحدث عنه).

( وماذا أقول أنا عن عينيك؟!)

لن تجيبي الآن. سأعتبر صمتك موافقة، وسأحكي لك:

تتحدث الرواية عن شاب هندي (باي). كان والده يمتلك حديقة للحيوانات في مدينة (بوندتشيري) في الهند.

( إن قرأتها ستحظين بمعلومات ممتعة عن الكثير من الحيوانات).

حاول (باي) منذ طفولته أن يبحث عن الله، فقرر أن يكون إلى جانب هندوسيته التي كسبها بالولادة؛ مسلما ومسيحيا.

ولكم أعجبني ما عجزت سنينا عن كتابته وعبر عنه (مارتل) بروعة متناهية على لسان باي في حواره مع أمه:

الأم: اسمع حبيبي، إذا كنت تريد أن تكون متدينا فعليك أن تختار بين أن تكون هندوسيا أو مسيحيا أو مسلما. لقد سمعتَ ما قالوه على الكورنيش.

باي: لا أفهم لماذا لا أستطيع أن أكون الثلاثة معا. ماماجي يمتلك جوازي سفر، إنه هندي وفرنسي، لماذا لا يمكنني أن أكون هندوسيا ومسلما ومسيحيا؟

الأم: هذا أمر مختلف، الهند وفرنسا هما أمتان على الأرض.

باي: كم أمة هناك في السماء؟

فكرتْ لثانية، هذا هو القصد. أمة واحدة، جواز سفر واحد.

باي: أمة واحدة في السماء؟

الأم: أجل، أو ولا واحدة. إنها أمور بائدة تلك التي أنت مستلب بها.

باي: إذا كان هناك أمة واحدة في السماء، ألا يفترض أن تكون كل جوازات السفر صالحة لدخولها؟!

ارتسمت غيمة من الحيرة على وجهها.

( ما رأيك في هذا؟ )

( لنكمل )

في منتصف السبعينيات، في عهد أنديرا غاندي، وخلال الاضطرابات التي اجتاحت الهند آنذاك، قرر والد (باي) الهجرة إلى كندا برفقة عائلته وحيواناته.

( حيواناته؟ لماذا ؟ )

يقول مارتل على لسان باي:

لماذا يهاجر الناس؟ ما الذي يجعلهم يقتلعون أنفسهم من جذورهم ويتركون كل ما يألفونه من أجل مجهول عظيم وراء الأفق؟ لماذا يقدم أحدهم على تسلق هذا الجبل الشاهق من الشكليات والمعاملات التي تجعله يشعر كالشحاذ؟ لماذا يختار الدخول إلى هذه الأدغال من الغربة حيث كل شيء سيكون جديدا وغريبا وصعبا؟

الجواب هو نفسه في العالم بأسره: يهاجر الناس طلبا لحياة أفضل.

( لو قرأ جدي هذا الكلام لاشتاظ غضبا، ولربما شتم الكاتبثم أردف:

يبدو أن مارتل هذا لم يسمع بنا. لم يكن في عراق المنشية ما يغري بالبقاء. لكنا لم نكن لنتركها لولا أن هناك من أجبرنا على ذلك. لقد صدقنا كذبتهم: بعد شهر ستعودون. واحتفظنا بمفاتيح بيوتنا بيوتنا سنين طويلة على أمل أن نعود.

هل حقا يهاجر الناس بحثا عن حياة أفضل؟

يهاجر الناس خوفا وقسرا وظلما وقهرا)

( وأنت؟ لماذا هاجرت؟ هل كنت تبحثين عن شخص أفضل؟! ).

***

استأجر والد (باي) سفينة يابانية، أخذ عائلته وحيواناته، وهاجر. في اليوم الرابع، في المحيط الهادي، غرقت السفينة، ووجد (باي) نفسه على متن قارب نجاة برفقة حمار وحشي مكسور الساق، وضبع، ونمر بنغالي، وسعلاة - ولا تسأليني ما هي السعلاة، فلست أملك جوابا أكيدا، يقال أنها نوع من القردة يدعى إنسان الغاب.

كان اسم النمر - وهو الشخصية الرئيسية الثانية في الرواية - ريتشارد باركر.

( هل تذكرين هذا الاسم؟ ألم أحكِ لك من قبل عن قصة آرثر جوردن من ناتكوت للكاتب إدغار الان بو؟ أربعة رجال غرقت سفينتهم، وبسبب الجوع قرروا أكل أحدهم ليتمكن الآخرون من النجاة؟ لقد وقع الاختيار على شاب يدعى ريتشارد باركر.

تساءلنا يومها إن تعرض أحدنا لحادث مشابه ماذا سيفعل؟

وأجبنا دون تردد أننا سنختار أن نكون ريتشارد باركر.

الغريب في هذه القصة أنه بعد سنين من كتابتها، قُدّم ثلاثة رجال إلى المحكمة بتهمة قتلهم لرفيقهم وأكله بعد أن تاه قاربهم في عرض البحر. كان اسم القتيل ريتشارد باركر! ).

***

عاش (باي) على متن القارب يصارع الخوف والموت والجوع والعطش والبرد، آملا مرة، ويائسا مرات. استمرت رحلته ٢٢٧ يوما، في الأيام الأولى أكل الضبع حمار الوحش والسعلاة، بعد ذلك قتل النمر الضبع، وبقي (باي) برفقة النمر إلى أن وصلا الساحل المكسيكي.

هناك - أقصد في المكسيك - وأثناء تواجد (باي) في أحد المشافي، استجوبه محققان يابنيان جاءا يحققا في سبب غرق السفينة، فأخبرهما بما حدث.

لم يصدقا القصة، فأخبرهما بقصة أخرى. قال أن من نجا من حادث الغرق كان أمه (السعلاة)، وربان السفينة (حمار الوحش)، والطباخ (الضبع)، أما النمر فقد كان (باي) نفسه.

قتل الطباخ ربان السفينة ووالدة (باي) وأكلهما، ومن ثم قام (باي) بقتل الطباخ، وأكمل رحتله وحيدا إلى أن وصل المكسيك.

في النهاية، لم يهتم المحققان بأي القصتين هي ما حدث بالفعل، فسألهما (باي) أي القصتين يفضلان؟ فاختارا القصة القصة الأولى، فقال بعد أن شكرهما أن هذا ينطبق على الله أيضا.

( وأنت؟ أي القصتين تفضلين؟ أم أنك لا تصدقين أيا منهما؟ لماذا؟ هل غريب أن يعيش إنسان برفقة نمر ٢٢٧ يوما ويبقى حيا؟

لقد عشت مع غيابك عامين، وما زلت عيى قيد الأمل/الحياة! ).

( إن قرأت هذا النص قد تتساءلين: لا بد أني قرأت كثيرا من الكتب الجيدة منذ رحيلك، لماذا لم أكتب لك إلا عن هذا الكتاب بالذات؟

هل حقا لم أكتب لك قبل هذا النص؟ ربما

وربما، كتبت، لكنك لم تقرئي سواه.

وهل حقا كتبت هذا النص لك؟ ربما

وربما كان لامرأة أخرى جاءت قبلك أو بعدك.

وربما كان خيالا محضا من أجل معجبة/قارئة جديدة.

هل أخبرتك عن ريتشارد باركر بالفعل؟

من يدري؟

لن أجيبك،

سأترك الإجابة معلقة كالحقيقة .. كهذا الكتاب.. كحبك.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق