قواعد العشق الأربعون > مراجعات رواية قواعد العشق الأربعون > مراجعة أروى الجفري

قواعد العشق الأربعون - إليف  شافاق, محمد درويش
تحميل الكتاب

قواعد العشق الأربعون

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.3
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

بعض القراءات تجعلك تلمس جمالاً في نفسك و تلتمسه فيما حولك و فيمن حولك ، تذرو غبار الحياة عن روحك لتصفو كمرآة تستقبل الضوء و تعكسه لتضيء .  

قد لا تتقبل شخصا بكل مافيه و مع ذلك تحبه ، هذا ينطبق على هذه الرواية ، هي ليست مجرد عمل أدبي .. هي كائن حي يتشكل أمامك تدريجيا و بعد أن تنهي قراءته يكون قد اكتمل ليعيش معك !

هذه الرواية تقدم لنا التصوف في معنى جميل وراق أحيانا و تقدمه في معنى عبثي جداً  و بعيد عن التصوف في أحيان أخرى . 

تدور أحداث الرواية في زمنين متباعدين لكن متشابهين من حيث الفتن و الحروب رغم اختلاف السيناريوهات وهما القرن الثالث عشر و القرن الحادي و العشرين . 

تبتدئ الرواية بالحديث عن إيلا و عائلتها ، عملها في وكالة أدبية حيث أُسندت لها المهمة الأولى بكتابة تقرير عن رواية اسمها "الكفر الحلو" تحكي عن جلال الدين الرومي و شمس التبريزي .

كاتب الرواية إسكتلندي الأصل سمى نفسه "عزيز" بعدما تعرف على الصوفية و اعتبر نفسه كذلك .

قسم عزيز كاتب رواية "الكفر الحلو" روايته لخمسة أجزاء "الأرض، الماء، الريح،  النار، العدم" يروي فيها قصة شمس التبريزي و لقائه بجلال الدين الرومي ثم علاقة الحب التي نشأت بينهما . 

سأتحدث عن علاقة الحب التي نشأت بين إيلا و عزيز في نهاية المراجعة ، أما الآن سأتحدث عما جاء في رواية "الكفر الحلو" ، فكما نرى لدينا روايتان في رواية !

قبل "الاستهلال" ذكرت الكاتبة مقولة لشمس التبريزي ، ترى من هو شمس ؟

لا أعلم ماهي الصورة التي ودت الكاتبة أن تنطبع في ذهن القارئ عن شمس ، لكن من خلال قراءتي للرواية أرى في شخصية شمس ، أنه مقنع أحيانا لدرجة أن تعجب به و تحبه ، و غريب في أحيان أخرى فتستنكر ما يقول أو يفعل ، يكون ودودا مع أشخاص و عدائيا مع آخرين ، فتراه يربت على مشاعر شخص ما ثم تراه يقف على باب الرومي ليمنع الناس من الدخول بأسلوب فظ ! 

شمس تارة يبدو حنونا و حكيما و تارة يبدو أنانيا بغيضا ، ببساطة هو إنسان ليس ملاكا أو شيطانا ، هو إنسان يحاول مجاهدة نفسه و نشر الحب و الجمال حوله ، يصيب تارة ويخطئ تارة أخرى حينما يتسبب بأذية مشاعر آخرين مثل كيميا التي أحبته ، و علاء الدين ابن الرومي والذي لم يستطع شمس أن يضع يده على موطن الجمال فيه فاستخرج القبح ، فكان علاء الدين من ضمن الأشخاص الذين تآمروا لقتله .  

تصور الرواية شمس أنه درويش صوفي ، بينما على حد علمي لا يوجد هذا المسمى لدى المتصوفة ، نعم هناك أشخاص اختاروا الزهد و التقشف و الانعزال و تفرغوا للعبادة ، و أشخاص يغلب عليهم حال المحبة فتصدر عنهم فعال أو أقوال خارجة كما حصل مع البسطامي حين قال : "سبحاني ما أعظم شأني " 

لكن هذا اللفظ يطلقه العامة على من تنطبق عليهم هذه الأمور ، فلا شيء لدى المتصوفة يدعى دروشة ، أو إعداد لأشخاص ليصبحوا كذلك كما جاء في الرواية .   

كان الرومي وجيها في قومه ، يحبه و يحترمه الناس ، و يأتي الكثيرون لسماعه حينما يتوجه للمسجد و يخطب ، لكنه لم يختلط بالطبقات الدنيا من المجتمع و لم يكن يعرف بمشاكلهم ، لذا كان خطابه لا يمسهم مع أنهم كانوا يحضرون الخطبة لا للاستماع و إنما للتسول ، فها هو حسن المتسول يقول عن الرومي عندما رآه قادما في موكبه " كان يبدو حاكما أكثر منه عالم دين" ، دخل حسن إلى المسجد فسمع الخطبة التي جاء فيها ".. لاشيء يقربنا من الله إلا الألم و المعاناة" ، هنا ابتدأ يحدث نفسه "ماذا يعرف الرومي عن المعاناة و الألم ؟ فهو ابن رجل مرموق و يعيش حياة رغدة " و ظل يقارن بين ما يملكه الرومي من امتيازات و ما لديه هو من مرض و فقر و شعور بالنبذ و انتهى ذلك إلى خروجه من المسجد و عدم الاستماع لبقية الخطبة . 

ساعده شمس في الوصول لهؤلاء الأشخاص ، فأرسله يوما للحانة ، حتى يرى بعضهم عن قرب ، و حتى يكسر في نفسه عائق من عوائق القرب من الله و هو حب المكانة لدى الناس ، فدخل الحانة و اشترى خمرا !

لما أحضر الخمر شرب منه شمس و ناول الرومي الكأس ليشرب ، يعلم الرومي بتحريمها و مع ذلك قربها من فمه استجابة لشمس ..

لم تعجبني شخصية الرومي في الرواية فقد كان مستسلما لشمس بدعوى المحبة ، مما أثر سلبا على عائلته فاستاءت زوجته و أبناؤه خصوصا علاء الدين ، و تجلت الأنانية في حديثه ص ٢٨٢عندما توقع أن يحب محبوه شمس ولما لم يحدث رأى أنهم غدروا به . 

  

تعددت الأصوات في هذه الرواية ، خصوصا تلك التي سكنت القرن الثالث عشر و كان أعلاها صوت شمس ، لذا تعجبت لما عدت لاسم الرواية و قرأت "رواية عن جلال الدين الرومي:" رغم أن صوته لم يعلُ صوت شمس و لم يوازيه حتى في درجة العلو ، و بعد تفكير رأيت ما كُتِب مناسبا فهي ترينا انعكاس حب شمس على قلب الرومي و حياته ، و في موضع من الرواية يقول شمس لعلاء الدين ابن الرومي " أنا ووالدك واحد فإذا كسرتني كسرته" 

  

أحيانا ينبثق في ذهني تساؤل : ترى من هو شمس ؟ هل هو مرآة كل منا ؟  بت أشعر بوجوده أحيانا بعد حدوث موقف مخيب أو  بعد أن أخطئ في حق نفسي أو غيري،  فيأتي متسللا .. ليقدم لي قاعدة جديدة ليست من القواعد المذكورة في الرواية !!

التيار المتشدد ممثلا ب"بيبرس" في القرن الثالث عشر يشبه إلى حد كبير التيار المتشدد في هذا القرن .

تثير الرواية كثيرا من التساؤلات في ذهن القارئ ، يجد الرد على بعضها بين سطور الرواية ، و يظل البعض الآخر مشتعلاً في ذهنه ، ليبحث بعد ذلك عن مورد من موارد المعرفة لإطفائه .

ماذكرته هو الجزء الأهم في الرواية ، أعني ما دار في القرن الثالث عشر و دخول شمس التبريزي لحياة جلال الدين الرومي ، و الآن أنتقل للجزء الآخر و هو مادار في القرن الحادي و العشرين و بالتحديد ٢٠٠٨ بين إيلا و عزيز ..

 

شيء ما دفع إيلا للمراسلة عزيز ، ربما الفراغ الذي تركته ابنتها بعدما تركت البيت ، ربما الفراغ العاطفي و جفاف المشاعر بينها و بين زوجها ، ربما رغبة في البوح لشخص لا تعرفه ، الرسالة الأولى تبعتها رسائل فنمت بينهما المشاعر حتى جاء عزيز لبوسطن و ذهبت إيلا لتقابله. 

تركت إيلا عائلتها لتضحي بسعادة الكل من أجل تحقيق سعادة شخصية ، و ذلك يناقض الحب .

رغم السلبيات التي رصدتها في الرواية إلا أني أحببتها جداً .

اقتباسات من الرواية:  

 "وبدلا من أن يفني المتدينون المتعصبون ذواتهم في حب الله و يجاهدون أنفسهم فإنهم يحاربون أناسا آخرين ، يولدون موجة إثر موجة من الخوف" 

"الكلمات التي تنبعث من أفواهنا لا تتلاشى بل تظل في الفضاء اللانهائي إلى مالا نهاية و ستعود إلينا في الوقت المناسب"   

من القاعدة ٣١ ".. إن الوسيلة التي تمكنك من الاقتراب من الحقيقة أكثر تكمن في أن يتسع قلبك لاستيعاب البشرية كلها، و أن يظل فيه متسع لمزيد من الحب "   

"فكل حب وصداقة حقيقيين هما قصة تحول غير متوقع ، و لو بقينا ذات الشخص قبل أن نحب و بعده فهذا يعني أن حبنا لم يكن كافيا"

" فحتى ذرة من الحب يجب أن تحظى بالتقدير، لأن الحب كما قال الرومي هو ماء الحياة"

Facebook Twitter Link .
3 يوافقون
2 تعليقات