حياة في الإدارة > مراجعات كتاب حياة في الإدارة > مراجعة إشراق الفطافطة (Ishraq Abdelrahman)

حياة في الإدارة - غازي القصيبي
أبلغوني عند توفره

حياة في الإدارة

تأليف (تأليف) 4.4
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

ماذا يمكن أن تقول عن رجل ينهي كتابه مخاطباً لي ولك: "... أما أبناء الأجيال القادمة الذين لن يتاح لي شرف رؤيتهم أو خدمتهم فلا أستطيع أن أقدم لهم شيئاً سوى قصة هذه الخدمة مصحوبة بكثير من المحبة وكثير كثير من الدعاء" !! لم أتمالك نفسي وأجهشت بالبكاء وتمنيت لو أن هذا الكتاب لم ينتهي ولي مع الدكتور غازي وقفات أخرى ان شاء الله.

لغة الخطاب السردية على جزالة الألفاظ والبناء الفني جاءت سلسة وسهلة الهضم، قد يستصعب القارئ أحياناً التنقل بين الأفكار والأحداث الا أنها كانت في خدمة الفكرة ككل والتي كان يحاول أن يوصلها الدكتور بناءاً على تطور حياته وخبراته الادارية. لا أنكر أن العديد مما جاء في هذا الكتاب لم يكن جديداً علي بحكم ما علّمه لي والدي (والذي له باع طويل في الادارة وربما من هنا شعرت أن لغة الخطاب كانت أبوية في محاولة نقل هذا الكم الهائل من الخبرات الواقعية) أو تعلمته أنا أثناء حياتي العملية الا أنه أجابني على الكثير من التساؤلات التي ما زلت أطرحها على نفسي كلما وقفت حائراً أمام تساؤلات لها علاقة بالإدارة والتعامل مع الأفراد!!

حياة الدكتور كانت غنية جداً ولكم أغبطه على هذا الكم الهائل من الخبرة التي تحصّل عليها في سن صغيرة وهذا الشغف الذي لم يفارقه حتى نهاية عمله. كم من مسؤول في عالمنا العربي يحمل همّ الوطن والمواطن على كاهليه ويفني حياته وصحته في سبيل النهوض بوطنه في زمن البيروقراطية العقيمة والترهل الاداري والتخلف الحضاري. اني والله لأشعر بالفخر الشديد وأنا أقرأ انجازاته التي بدأها من الجامعة ثم سكة الحديد والموانئ ثم قطاع الكهرباء والصناعة ثم القطاع الصحي وانتهاءاً بالسفارة وفوقها كونه أديباً شاعراً والتي لم تتحقق الا بالدم والدموع كما يقولون.

تتميز فلسفة الدكتور الادارية أنها واقعية وانسانية ويمكن اسقاطها على جميع مناحي الحياة وهي تحتاج الى الشفافية ووضوح الهدف والغاية، (self-awareness) فمن خلال معرفة مكامن القوة والضعف لدي يمكنني أن أواجه أي شيء يمكن أن يواجهني (وعيي بذاتي يمكنني من اعطاء الأشياء أسماء وأصبح أكثر قدرة على مواجهة الحياة عن علم)، الحكمة (سواء في معرفة القرار الصواب من الخاطئ، استخدام سياسة الشد والرخي عند اللزوم، تمكين الاخرين "Empowerment"، والتصرف ضمن نطاق المعلومات والصلاحيات المتاحة) والشجاعة في اتخاذ القرار مهما كانت صعوبته (فالتردد هي آفة هذا العصر) والمهارة في التنفيذ. القدرة على الفصل بين الحياة العملية والحياة الشخصية وهي من أهم المبادئ وأصعبها عند التنفيذ، الانضباط والذي يجب أن يكون من وازع داخلي قبل أن يتم فرضه فبدونه تفقد السيطرة على الناس باختلاف مواقعهم وهو ما أحسن الدكتور في تبنيه وفرضه وغيرها الكثير.

أنهي مراجعتي بالقول لولا هذا الشغف والاندفاع لدى الدكتور لم يستطع انجاز أي شيء في عالمنا العربي البيروقراطي ولولا ثقة المسؤولين ودعمهم له كما أكد تواضعاً منه رحمه الله لبقيت المملكة العربية السعودية سيرة من سير الزمن الغابر. هذا الكتاب بعيداً عن الجانب الاداري سيرة انسان بكل ما تحمله كلمة الانسانية من معنى، تحدث عن الانجازات والاخفاقات، لم ينسَ أحداً من رفاق الدرب والانجاز ولم ينسب الفضل الى غير صاحبه وحقّ له أن يفخر بنفسه فانجازاتنا لا تتحدث عنها الكلمات بل الأفعال تغني عن ألف كلمة وهو لم تعوزه الهمة ولا الشغف ولا الجرأة ويكفي أنه أضاء تلك القرى النائية في غياهب الصحراء بنور الحضارة.

****************************

على الهامش...

استمتعت كثيراً بالجانب الأكاديمي من حياة الدكتور وكنت أتمنى لو أن دولنا العربية تولي البحث العلمي الاهتمام والعناية وتبني الكفاءات الشبابية الواعدة. استطعت أن أستشعر معاناته عندما كان عميداً للكلية فلقد كان الأستاذ الدكتور المشرف على رسالتي الماجستير عميد الكلية والذي لم أستطع أن أقابله الا أثناء مراجعة رسالتي لغوياً للتأكد من خلوها من الأخطاء!!

واستمتعت كثيراً بالجانب السياسي الذي أورده وعلى الرغم من عدم تطابق الرؤى السياسية الا أنني أجد نفسي في توق لقراءة كتابه الوزير المرافق وغيرها من مؤلفاته السياسية.

أقتبس: "إن رغبتي في إتقان ماأقوم به من عمل لم تعن، قط، رغبتي في التفوق على أي إنسان آخر. وكنت، ولا أزال، أرى أن هذا العالم يتسع لكل الناجحين بالغا مابلغ عددهم. كنت، ولا أزال، أرى أن أي نجاح لا يتحقق إلا بفشل الأخرين هو، في حقيقته، هزيمة ترتدي ثياب النصر"

Facebook Twitter Link .
4 يوافقون
2 تعليقات