دروز بلغراد > مراجعات رواية دروز بلغراد > مراجعة مهند سعد

دروز بلغراد - ربيع جابر
أبلغوني عند توفره

دروز بلغراد

تأليف (تأليف) 3.7
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

دروز بلغراد

ربيع جابر

يقول صاحب الدروز، اللبناني ربيع جابر (كنت أنتظر أن أفوز منذ سنتين، مع رواية «أميركا»»، ثمّ أضاف بما يشبه السخرية السوداء: «يبدو أنّ حنا يعقوب محظوظ أكثر مني») .

إن المحاولات اليائسة لا تولّد إلا الوهن والتراجع، لكن ربيع جابر أنطلق بمحاولات دؤوبة فأخذ البوكر في "دروز بلغراد" بعد انتكاستين في "أمريكا" و "طيور الهوليداي إن".

تجئ الرواية بالتاريخ بين يدي القارئ، تحضره من بطون الكتب إلى فضاء الرواية، تذيب جمود التاريخ ليصبح حبر الحاضر، إن الدروز الذين ساروا من لبنان إلى الهرسك مكبلّين بالأصفاد مسلوخي الجلد منتفخي البطون ناتئي عظام الجسد كان من حقّهم أن يذكرهم التاريخ بالرواية من جديد .

أراد الكاتب أن يظهر هذه الأعوام من تاريخ الحكم العثماني للمنطقة فحضّر أدوات التاريخ جيدا واستعد لها وأحضر الرواية كلباس يضعه على كتف التاريخ، أحداث الرواية المأساوية كانت قادرة على إيصال مدى شقاء البشر في نهاية هذا الحكم وحجم الظلم الواقع على هؤلاء الناس مسلمين ومسيحيين.

يمتلك الكاتب لغة حسيّة ثلاثية الأبعاد تتضح جليا في مشاهد السجن، فتكاد تشعر بحرارة الشمس ولسعة البرد ورائحة الحقول والمزارع بل لعلك تشعر بأوجاع جسدك وتقرحات جلدك من أغلال الحديد- كأنما أنت حنا يعقوب الذي أخذته الصدفة السيئة ليعيش كل عذابات رجل أخر اسمه "سليمان عز الدين " - لما لهذا الكاتب من لغة باهرة، هذه اللغة ساعدته كثيرا على كسر جمود التاريخ وجعل القصّة أكثر تشويقا وشدّا للقارئ لكي يكمل حتى النهاية، لا يكثر الكاتب من الحوار وإنما يعتمد بالشكل الأساسي على المونولوج الداخلي للشخصية الرئيسية الوحيدة والمعذّبة والمظلومة والتي ساعدته لكي يربط القارئ شعوريا مع الكتاب، ناهيك عن بعض حوارات سريعة مع رفقاء السجن .

كل هذه القدرة الروائية لدى الكاتب لا أعلم كيف لم تكتمل حتى النهاية لعلها خذلته أو لعلها قدّرت أن تكون كذلك معه في نهايات الرواية وكأني به قد رمى حملا عن كاهله أو لم يرد أن يبقي القارئ في عذاب متلاحق مع حنا يعقوب، فنراه يضع نهاية سعيدة طويلة بعض الشيء لعودة حنّا دون الحاجة لبعض التشويق في داخلها، لقاءه لزوجته بعد كل هذه السنين كان قصيرا جدا بحيث يكاد لا يذكر وكأنه يحمّل القارئ مسؤولية التخيّل لما ستكون عليه الأحداث.

تركيز الكاتب على التاريخ جعله يقلل كثيرا من أهمية الحبكة الروائية وإنما جعلها مكملا لكي لا يصاب القارئ بالملل ، فحين تكون وتيرة الأحداث على أشدها مع حنا يعقوب تكون الأحداث بطيئة رتيبة عند هيلانة وبربارة حتى أننا لا نشعر كثيرا بقيمة فقد الزوج كل هذه السنين.

الرواية بمجملها رائعة وشيّقة ومليئة بالألم ولا تكاد تشعر بأنك قاربت على الانتهاء منها بهذه السرعة لكثرة ما تشدّك لها، والكاتب يملك مقومات أدبية روائية وحصيلة تاريخية وعلمية كبيرة تؤهله لكي يسبح في فضاء الأدب بكل اقتدار وهذا كان جليّا في ما بين أيدينا من رواية.

أنصح بقراءتها بشدّة ولا أعتقد أن البوكر هذه المرة قد أخطأت حين اختارت هذه الرواية للفوز بها فهي تستحق .

Facebook Twitter Link .
4 يوافقون
2 تعليقات