أن تقرأ لوليتا في طهران - سيرة في كتاب > مراجعات رواية أن تقرأ لوليتا في طهران - سيرة في كتاب > مراجعة إبراهيم عادل

أن تقرأ لوليتا في طهران - سيرة في كتاب - آذر نفيسي, ريم قيس كبة
أبلغوني عند توفره

أن تقرأ لوليتا في طهران - سيرة في كتاب

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.7
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

Read from May 31 to June 12, 2012

حسنًا إذًا .. انتهيت منه .. اخيرًا

تتزاحم الأفكار في رأسي فعلاً لكتابة "تقرير" عن هذا الكتاب غير العادي .. بالتأكيد:

ماذا أرادت منه المؤلفة؟!

ما الرسائل التي تبثها من خلاله بشكل ضمني أو واضح؟!

لمن توجه هذه الرسائل تحديدًا؟!

كيف يستفيد قارئ هذا الكتاب الاستفادة القصوى منه، إن كان ثمة استفادة قصوى؟!!

.

طالت مدة مكوث هذا الكتاب بين يديَّ لأسباب متباينة، بل وقاطعته بغيره، وتركته ثم عدت إليه، فما كان كل ذلك؟!

تضع آذار النفيسي في الجزء الرابع من الكتاب وفي بداية الفصل الثالث منه يدها على أكبر مشكلات الكتاب ـ فيما أرى ـ بطريقة اعترافية واضحة، سلكتها في أغلب فصول الكتاب وبين ثناياه، إذ تقول:

بدو أنني أكاديمية أكثر مما يجب، لقد كتبت العديد من البحوث والمقالات لكي أستطيع التعبير عن أفكاري وتجاربي بطريقة سردية محكية، لكنني مع هذا لم أحقق غايتي المنشودة .على الرغم أن ذلك هو هدفي: أن أحكي وأسرد وأن أعيد اكتشافي مع كل هؤلاء الآخرين، لأنني ما إن ابتدئ كتابة حتى يفتح الطريق أمامي فأرى الإنسان الزائف وقد استعاد جوهره، وأرى الأسد وهو يستعيد شجاعته، ولكن ليس هذا فقط، وليست هذه قصتي، فأنا أسير على طريق مختلف لا أستطيع أن أرى نهايته، ولا أدري إلى أين يمضي بي ......

.

هكذا إذًا تسير آذار في ثلاث مسارات متوازية متقاطعة، بين قراءة نصوص أدبية بعينها ومناقشتها، وبين نقد الثورة الإسلامية الإيرانية ووصفها لحالاتها بشكل يبدو عابرًا ولكنه مؤثر وفارق، وبين عرض قصتها/سيرتها الذاتية، وحكايات طالباتها ..

وهي في كل مسار لو أخلصت فيه لخرجنا بكتاب عظيم، ولكنها شتت الذهن ـ في ظني ـ بين كل هذه الأشياء دفعة واحدة، فخرجنا بـ أن تقرأ ... في طهران!

لم أستسغ تصدير "لوليتا" بطلة نابوكوف في اسم الكتاب، لاسيما أنه احتوى قراءات لعدة روايات أخرى ولكتاب آخرين، ولكن لاشك أن "لوليتا" تحمل رسالة أخرى لمجتمع آخر، أرى أن السيدة آذار نفيسي قصدت أن توجه له هذه الرسالة وتوضح له الصورة التي ربما تعجبه عن ثورة إسلامية قامت في إيـران ... ألا وهو المجتمع الأمريكي بالتأكيد !

فكرة نقد المرأة/ أو الرجل بالمناسبة لتصرفات المجتمعات العربية معها وذكر "القمع" وغياب الحريات بشتى أنواعها يتطرق لها العديد من الكتاب والروائيين سواء قامت ثورات أو لم تقم، وبطريقة خفية أحيانًا وفجة في أحايين كثيرة، ويواجه الأمر تارة بالمصادرة وتارات بالترحيب والحفاوة،، لا أريد أن أخرج عن سياق الحديث عن الكتاب، ولكن يكفي أن أشير إلا أن العالم قد تغيَّر وأن ما فعله غازي القصيبي ذات كتابة في "شقة الحرية" تجاوزته بنت الصانع في "بنات الرياض" ..

.

بعيدًا عن هذا كله يطرح الكتاب، أجمل ما فيه، فكرة مناقشة الأعمال الأدبية بشكل نقدي بسيط، ويستفز القارئ ـ لا سيما من حالفه الحظ فقرأ الأعمال التي تتحدث الكاتبة عنها ـ إلى التوقف دومًا خلال ما يقرأ على مواطن الجمال والقبح في النص، وكيف يشكِّل الكاتب عالمه، وكيف يسبغ على شخوصه من نفسياته، ومن رؤيته لأبطاله وللخير والشر، لقد أقامت "النفيسي" الدنيا وأقعدتها على "هيمبرت" (والطريف أني كنت قد نسيت اسمه أًصلاً) بطل "لوليتا" الذي بدا للقارئ رجلاً مغلوبًا على أمره أغوته فتاة لعوب هي "لوليتا" وكيف أن نابوكوف تآمر مع البطل /الرجل هذا لكي يجعل "لوليتا" في عرف القارئ، وبالتالي المجتمع امرأة ـ وهي الفتاة التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها ـ يجعل منها مغوية ليتحول الرجل وبالتالي المجتمع لضحية مسكينة لتلك الفتاة الشيطانة ...

في ظنِّي لو أن النفيسي اقتصرت على هذه الرواية، وعمَّقت تحليلها ونقدها، بل وعرضتها للمحاكمة كما فعلت مع روايات أخرى لكانت قد وفرت على نفسها وعلى القارئ الكثير،، هذه هي المرأة في نموذجها الألماني/الغربي .. مدعو التحرر إذًا ، فلا غرابة أن يراها مدعو الفضيلة والإسلاميين شيطانًا كذلك، ولكن النفيسي خرجت لعوالم أخرى، ربما لم تتعمق فيها بالقدر الكافي ـ فيما أرى ـ مثل رواية غاتسبي العظيم، وما تمثله من قيم أخلاقية وجمالية، وبطلات جين أوستن كذلك ..

..

ولكن البساط ينسحب تدريجيًا ويتغيَّر العالم بالتأكيد ويبقى التركيز الجمالي على ملكة الخيال وموهبة الأدب، تلك التي تبدو بين ثنايا الكتاب في كل مرة، تداعب أحلام النفيسي، ولكنها لا توفيها حقها، هي أديبة ضلت الطريق ربما، لأن دراستها الأكاديمية ـ كما قالت ـ شغلتها عن الاستغراق في الخيال وكتابة نص أدبي كامل

ربما تفعل ذلك "نسرين" ، ربما فعلته "مانا" التي بدأت تكتب الشعر فعلا وتقول لأستاذتها:

(خمس سنوات مرت منذ بدأت القصة في غرفةِ أضاءتها الغيوم، حيث قرأنا "مدام بوفاري" وتناولنا الشوكولاته من طبقٍ بلون النبيذ الأحمر في صباحات الخميس، لم يتغيَّر شيء في الرتابة المتواصلة في حياتنا اليومية. بيد أنني في مكانِ ما من روحي أحس بأنني تغيرت ، ففي كل صباح ومع إشراقة الشمس الروتينية، وأنا أفيق من نومي وأضع حجابي أمام المرآة لكي أخرج من بيتي فأغدو جزءًا مما نسميه الواقع، أعلم كذلك بأنه ثمة "أنا" أخرى أصبحت عارية على صفحات كتابٍ من عالم آخر هو عالم الخيال، وأعلم أنني غدوت ثابتة خالدة .. وزلذا فإنني سأبقى حاضرة طالما أبقيتني نصب عينيك .. عزيزي القارئ"

..

لقد وصلت رسالةآذار كاملة إلى طالباتها، وشعرن فعلاً بأنه لا حدود لعالمهم الأدبي الخيالي، وأنه لايمكن لأحد مهما بلغت قوته وجبروته أن يفرض وصاية على الروح .. وفي ظني مرة أخرى أنها لو كانت قصرت الكتاب على سيرة طالباتها وحكاياتهم، لكان كتابًا رائعًا، لكنها شاءت أن تجمع بين هذا كله ..

.

شكرًا للنفيسي على كل حال

.

.

نسيت أمرًا هامًا جدًا

وهو أن أشكر المترجمة ريم قيس .. لأن الترجمة احترافية جدًا .. أنا تقريبًا نسيت إن الكتاب مترجم :)

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
2 تعليقات