هذا أول كتاب أقرأه لبثينة العيسى... ولعله لم يكن اختيارا موفقا لأبدأ به.. لكن هذا ما وقع تحت يدي واستهواني العنوان فقرأته في جلسة واحدة..

أحكي لكم عن محتوى الكتاب أولا. الكتاب عبارة عن مجموعة كبيرة من الخواطر والأفكار الفلسفية المتفرقة (لا علاقة بينها) بقالب رمزي بحت مع شيء من الإبهام الذي يترك العنان لخيال القارئ ليملأ ما بين السطور. وتتناول الكاتبة الأشياء العادية من حولها بنظرة فريدة ومتميزة؛ فهي تجعل أحيانا للجمادات شخصيات وأحاسيس ومشاعر, وتجعلنا نستمع إليها وإلى فلسفتها الخاصة في الأشياء الأخرى التي تحيط بها.

تفتتح الكاتبة هذه الخواطر ببعض القصص العالمية (الخاصة بالأطفال) بقالب جديد وبوجهة نظر مختلفة عن تلك المعهودة.. فتعرضها بطريقة أقل "مثالية".. ومن وجهة نظر "المظلوم" الذي لم تنصفه هذه القصص والتي افترضت النهايات السعيدة على حساب الآخرين..

بعد ذلك تأتي الكاتبة بخواطر متفرقة ومختلفة تقحم "ليلى" أحيانا فيها إقحاما متعمدا أحسست أن الهدف منه هو خلق ترابط بين أجزاء الكتاب.. وشخصية ليلى هي شخصية مركبة بين ليلى البريئة اليافعة التي تخاف على جدتها وبين ليلى الناضجة العاشقة التي تستعد لمجابهة الحياة بكل ضراوتها وقساوتها.. ومع أن "قيس" هو أول كلمة في عنوان الكتاب إلا أن ذكره لا يأتي إلا في خاطرة أو اثنتين فقط.. فقد ظلمته الكاتبة في الكتاب .. أو أنها اختارت العنوان بحيث يلفت الانتباه....العنوان غير مناسب للمحتوى..

أعجبتني طريقة تفكير الكاتبة ونطرتها إلى الكثير من الأشياء العادية بطريقة غير اعتيادية..وأعجبني تساؤلها عن كل شيء حتى المسلمات من الأمور..كذلك أعجبتني تشبيهاتها واستعاراتها الجميلة والتي جعلتني أبتسم وأنا أقرأ الكتاب.. وأخص بالذكر تلك الخاطرة عن فنجان الشاي.. فهي كانت ترى انعكاس أشياء كثيرة على صفحة فنجانها الشاي..ثم أحست بالسعادة بعد أن استقر ذلك كله بداخلها (شربته).. فهي تقول: إن سماء كاملة توجد بداخلي....

إن الكثير من الغموض في مثل هذه القصص والخواطر الرمزية يشتت أحيانا ويضيع المعنى ولا يظهر إلا براعة الكاتب في "خلط" الأشياء.. فيتعذر على القارئ تخيل شعور الكاتب في تلك اللحظات التي يصفها..

الكتاب جميل وممتع.. ومناسب لمن أراد الخورج عن روتين الحياة قليلا إلى فسحة من الأمل والتأمل.... أعطيه ثلاث نجمات..