الواجهة > اقتباسات من رواية الواجهة > اقتباس

كان أول ما شعر به «ميم» في هذا الجزء الخلفي تلك الروائح الكريهة التي تفوح من مصادر مجهولة، ورأى الشوارع طويلة ملتوية والأرض ملوثة بالوحل والقاذورات. سار في أحد تلك الشوارع باحثًا عن زوجته. كانت المساكن على الجانبين قديمة رثة والشرفات متداعية. ظل سائرًا حتى وصل إلى ميدان، يتوسطه مستنقع قذر، وأبصر على ضوء الفجر رجلًا شبه عارٍ يسير خلفه، فشعر بالخوف، وأسرعت دقات قلبه، اختبأ في أحد الأركان المظلمة في مكان يسمح له برؤية ذلك الرجل، دون أن يتمكن الرجل من رؤيته. تذكر «ميم» أنه سبق أن رأى هذا الرجل، ولكنه لا يذكر أين رآه، وأضاءت ذاكرته فجأة، فتذكر الرجل وتذكر المكان الذي رآه فيه. إنه الواعظ، نعم، إنه هو بعينه ولا أحد سواه! ذلك الواعظ الذي قال: إن المدينة لم ترتكب فيها أية جريمة من أي نوع، ولم يحدث فيها ما يتنافى هو والقيم الأخلاقية الرفيعة، وأن المدينة لم تعد في حاجة إلى وعظ وإرشاد. وقف هذا الرجل وأخذ يتلفت حوله. ورأى «ميم» فتاة جميلة ترتدي قميص نوم شفافًا تقبل نحو الرجل، وتقابل الرجل والفتاة. وعند ذلك رأى «ميم» الفتاة ترقص، وبعد لحظات هجم عليها الرجل واحتضنها، وأخذ يقبلها في فمها ووجهها ورقبتها وصدرها، ثم حملها وسار بها وهي تضحك ضحكات خليعة، فسار «ميم» خلفهما، دون أن يشعرا بوجوده مشدوهًا لا يصدق ما يراه. وانعطف الرجل حاملًا الفتاة، واختفيا في زقاق ضيق.

مشاركة من المغربية ، من كتاب

الواجهة

هذا الاقتباس من رواية