اقتباسات من رواية ثلاثية المسيح - الجزء الأول: عيسى بن مريم

عالَم المُلُوك يُشبِه عالَم الذّئاب، ما مِنْ ملكِ يُحبّ الآخَر أو يأمن له، وكُلُّ ينتظر سَقطَةَ الآخر ليستلّ خنجره ويبدأ الطّعن لتفريغ خلطةٍ عجيبةٍ من الخوف والحقد والحسد تشكّلتْ كُلّها في القلب وحانتْ فرصةُ ظهورها.

أنْ تخوضَ حربًا يعني أن تتخلّى عن الإنسان الّذي فيك لصالح الشّيطان الّذي ينمو بينَ جنبَيك

كان الكرسيُّ آنذاك شاهِدًا أكثر من أيّ عصرٍ مَضى أنّه أثمنُ من أرواحِ البشر مُجتمعين، وكان ثمنُ الجلوسِ عليه أن تتطايرَ أعناق مئاتِ الألوف من الّذين يحملون السّيوف ولا يدرون لِمَ يحملونها، ولا مع مَنْ يُقاتِلون ولا ضِدَّ مَنْ يَقِفون !!

وما بين الملكيّة والكهنوتيّة كانتْ شُعوبُ تُباد،وأعراضٌ تُنتَهك، ومُدُنٌ تُدمَّر، وأرواحٌ تُزهَق، و… وألسنة تَلهَج إلى الرّبّ العالي ترقّبًا ليوم الخَلاص الكبير… وظلّوا ينتظرون!! ‏

وهذا الزّمن ما بين العيش والموت، والسّيادة والإبادة، والارتِقاء والانهيار، والنّشوء والهلاك الّذي يبدو طويلاً عندَ الآدميّين هو عند الله ليسَ أطول من لَمْحِ البصر، وليسَ أبعدَ مِنْ رَدِّ الطّرْفِ!! ‏

انظرْ يا أخي: إنّ ساعةً واحِدةً في الخلود سوفَ تُنسيكَ قرونًا من العذاب الدّنيويّ البائد؛ أفنسيتَ؛ وأنتَ أبلغُنا موعظةً حين كنتَ تقول: "لأَنْ تُفني نفسكَ طمعًا في ما عند الله خيرٌ لكَ من أن تُحييها في حلاوة الدُّنيا ولو عشتَ مُخلدًا .."

أنّ الدّعاءَ بينَ يديه أقدرُ على تَغيير ما كان وأثبتُ على تَحقيق ما سيكون!! ‏

وفي لحظات العودة إلى الوعي كان الصّوت يرتفع مرّة أخرى وبلحنٍ أجمل، وموسيقى أشدّ عذوبةً؛ فيتبعون الظّلام من جديد وهم يترنّمون على إيقاع خطواتهم نحو الهاوية.⁠‫

ما قيمة المَسجد إذا كانتِ القبّةُ فيه من ذهب والقلوب من حجارة؟!! ‏

لأنّه يُدرِك أنّ كثرةَ اجتماع النّاسِ حول الباطل لا تُصيّرهُ حَقًّا.