سيكولوجية الجماهير - روح الجماعات - غوستاف لوبون, عادل زعيتر
تحميل الكتاب
شارك Facebook Twitter Link

سيكولوجية الجماهير - روح الجماعات

تأليف (تأليف) (ترجمة)

نبذة عن الكتاب

«ومن جهل روح الجماعات أن تُعتقد سيطرة الغرائز الثورية عليها، والوهم في ذلك يتطرق إلينا من اندفاعاتها، وما يصدر عنها من عصيان وتخريب فهو مؤقت على الدوام. واللاشعور يهيمن على الجماعات، ومن ثَمَّ تخضع الجماعات لعامل الوراثة المتأصل، فتبدو محافظة إلى الغاية، والجماعات إذا ما تُركت وشأنها بدت تعبة من الفوضى فسارت بغريزتها نحو العبودية». كتاب غوستاف لوبون الأساسي لفهم المجتمعات بترجمة عادل زعيتر الراقية. «المكتبة التراثية الصغيرة» سلسلة تضم عددًا من كتب التراث الأساسية والمهمة والممتعة، صغيرة الحجم، سهلة اللغة، بسيطة العبارة، تهم القارئ العام. أغلفتها وتنسيقها الداخلي جذابان ويجمعان بين التراث والتصميم المعاصر في أناقة وبساطة. حجم الكتب صغير ليسهل وضعها في حقيبة اليد أو الجيب.
عن الطبعة

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

تحميل الكتاب
4 4 تقييم
105 مشاركة

كن أول من يضيف اقتباس

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب سيكولوجية الجماهير - روح الجماعات

    4

مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    4

    في سيكولوجية الجماعات عند سيجموند فرويد. "أنَّ الدراسات الدقيقة أثبتت أن الفرد منغمس لفترة ما في جماعة فعَّالة، سرعانَ ما يجد نفسه في حالة خاصَّة تُشبه إلى حدٍ كبير حالة الانبهار التي يجد فيها المرء نفسه منوَّم مغناطيسياً تحت سيطرة مُنوِّمه وذلك إمَّا نتيجة للتأثير المغناطيسي الذي تقدمه المجموعة، أو لسبب ما غيرَ معروف.. تحت هذه الحالة تختفي الشخصيَّة الواعية بشكل كامل، تتلاشى الإرادة والتمييز وتتجه كل المشاعر إلى والأفكار نحو ما يُحدّده المُنوِّم.. إذاً.. هذه الحالة التي يمر بها الفرد الذي يشكل جزءًا من جماعة نفسيَّة، حيث يصبح غير واعي لأفعاله، حاله كحالِ المنوَّم مغناطيسياً.

    كما ويفقد المرء بعض المَلَكات وتتعاظم مَلَكَات أخرى إلى أقصى حدّ، حتى أنه تحت تأثير الإيحاء العقلي قد يتعهد بإنجاز أمور معينة بقوَّة لا تُقهر. تكون هذه القوة الدافعة غير قابلة للمقاومة، وأقوى من تلك القوة في حالة الفرد المنوَّم مغناطيسياً، وذلك لأنَّ الإيحاء العقلي يكتسب قوَّة هائلة باعتباره مشتركاً متبادلاً بينَ أفراد الجماعة"...

    كما يحدث بذات التعريف لدى غوستاف لوبون ويستهل به كتابة للتعريف من منظورة عن "الجماعة النفسيَّة" معتبراً أنَّ الفرد ينصهر في الجماعة.

    وتتلاشى الشخصيَّة الشاعرة وتتجَّه أفكار كل واحد من أولئك الأفراد نحو صوب واحد.

    وإذا ما تحولوا إلى جماعة، منحتهم هذه الجماعة ضَرباً من الروح الجامعة، وهذه الروح تجعلهم يشعرون ويفكرون ويسيرونَ على وجه يخالف ما يشعر به ويفكر به ويسير عليه كل واحد منهم لو كانَ منفرداَ.

    فيشبه ذلك بأن يفقدَ عقله أو كما وصفه «فرويد» بأن يكونَ منوَّماً فيتجه نحو القيام بسلوكيات لم يكن يقدر على ارتكابها لولا تواجده ضمنَ جماعة.

    أمَّا الجماعة فلا شيء صادرٌ عنها عن تعقّل أو تأمل.. ففي كل مرة تكون معرضة للغضب والشحن والتعبئة مع انعدام أو تغيب الشكّ والتردد. هذه أبرز سمات الجماعة التي شرحها لوبون.

    فأخلاق الجماعات وسماتها هي أخطر من أخلاق الأفراد وأفكارهم؛

    - فهم على استعداد للانفعال والتقلب والغضب.

    - كما هم أيضاً على استعداد للتلقين والتصديق.

    - غلو مشاعر الجماعات. وبساطتها وعدم تسامحها.

    كما تصيب العدوى النفسيَّة ما يبلغ السريان بها، ما يسهل على الأفراد أن يُضحي بمصلحته الشخصيَّة في سبيل المصلحة العامَّة.

    كما يختتم «لوبون» هذا الفصل بِـ:

    «أنَّ الأنسان إذا ما غدا جزءاً من جماعة هَبطَ، إذن، عدَّة درجات في سُلم الحضارة، والإنسانُ وهو منفرد قد يكون شخصاً مثقفاً، والإنسان في الجماعة يكون غريزيَّا، ومن ثم يكون همجيّاً فيتصف بما عند الفطريين من غريزيَّة والعنف والجَلَف كما يتصف بما عندهم من الحمَاسة والبطولة، وهو يشابههم أيضاً بسهولة استهوائه بالصِّيَغ والصور وسَوقِه إلى أعمال ضارة بأوضح مصالحه، والفردُ في الجماعة كذرَّة التراب بينَ ذرات كثيرة تنثرها الريح كما تشتهي»..

    .

    «والصفات الخاصَّة بالجماعات، كالاندفاع والغضب وفَرط المشاعر والعجز عن التعقل وعدم الحصافة وعدم روح النقد وما إلى ذلك.. مما يمكن أن يُشاهد أيضاً لدى الأفراد الذينَ لم يجاوزوا أدوارَ التطور السفلى كالمتوحش والطفل».

    .

    o أمَّا فيما يخص أفكار الجماعات؛ حيث الأفراد لا يستثمرونَ الأفكار إلّا بعدَ أن تلبس شكلاً بسيطاً للغاية، وأن تتغيَّر تغيراً تاماً لتصبح شعبيَّة، وتكتسب شرعيَّة حيث يصعب تغييرها أو تحويلها أو تجاوزها وتبقى فيما بعد أفكار غير قابلة للتعديل.

    o وإن عجز الجماعات عن التعقل الصحيح ينزع عنها روح النقد، أو الاستعداد للتمييز بين الخطأ والصواب، أو صوغ أي حُكم صحيح.

    وتعقلها وتأثرها يأتي من براهين مناقضَة للمنطق في بعض الأحيان، ومن أفكار متشابهة ومتعاقبة في الظاهر.. (كالهمجيّ الذي يخيّل إليه أنَّه سيغدو شجاعاً إذا ما أكل قلب شجاع) أو (العامل المُستغَلّ الذي يعتقد أن كل العمال مُستغَلين من قبل أرباب العمل).

    «وتقوم السهولة التي تغدو بها بعض الآراء عامةً، على الخصوص، علَى عَجز معظم الناس على أن يكون لهم آراءٌ خاصَّة قائمة على تَعقّلاتهم الذاتية».

    o يتميّز خيال الجماعات التصوري بقوة استعداده للتأثير العميق وعدم الاحتكام إلى العقل، والجماعات التي تغيّب الاحتكام للعقل قادرة على فعل كل شيء..

    «الجماعات تكون في حال النَّؤوم الذي يقف عقلُه لحينٍ فتساور نفسه صُورٌ شديدة للغاية فلا تُعتِّم أن تبدد عن التأمل، والجماعاتُ إذ تعجز عن التأمل والتعقل لا تعرف المستحيل».

    كما أنَّ أهم ما يؤثر في خيال الجماعات هو النواحي الغريبة والأسطوريَّة وهي أشدّ الأمور تأثيراً فيهم، منا أنهما القوّتان للحضارة الحقيقيتان، فالظاهري في التاريخ له دورٌ أهمّ من الحقيقي على الدوام، والوهمي يتفوّق على الحقيقي في التاريخ على الدوام.

    «فالجماعات، إذ لم تَقدر على التفكير بغير الخيالات، لا يؤثَّر فيها بغير الخيالات، فوحدها هي التي ترهبهم أو تغويهم».

    كما وتتصنف عقائد الجماعات بما يلازم الشعور الدينيّ من الخضوع الأعمى والتعصب الشديد والإكراه في الدعوة، ويمكن أن يقال جميع المعتقدات ذات صبغة دينية، وعند الجماعات البطل الذي تُصَفق له هو إله حقيقي.

    «ولا يكون الإنسان متديناً إلّا إذا عبد إلهاً فقط، بل يصبح متديناً أيضاً عندما يضع جميع منابع نفسه وجميع انقيادات إرادته وجميع إجاجِ تعصبه في خدمة قضية أو موجودٍ غدا غاية المشاعر والأعمال ورائدَها».

    فحينَ عَرفوا مؤسسو المعتقدات الدينية أو السياسية ما لهذه المعتقدات ففرضوها على الجماعات من مشاعر التعصب الديني التي يجدُ بها الإنسانُ سعادته في العبادة والتي تُحفِزه إلى التضحية بحياته في سبيل معبوده.

    فما إن يتخذ الخيال شكلاً دينياً فيعقبه الخضوع الأعمى والتعصب الشديد والإكراه في الدعوة فمن هُنا «لا تستقرّ المعتقدات السياسية والإلهيَّة والاجتماعيّة بالجماعات إلّا باكتسابها شكلاً دينياً».

    .

    في الباب الثاني؛ قسم لوبون العوامل التي تؤثر على الجماعات إلى قسمين:

    - العوامل البعيدة

    - العوامل القريبة

    فالعوامل البعيدة: هي التي تجعل الجماعاتِ قادرةً على اتخاذ بعض المعتقدات وغير مستعدة لتقبّل معتقدات أخرى، وهذه العوامل تهيئ البقعة التي تُنبت أفكار جديدة بغتةً. ومما يفاجئ أن بعض الأفكار أحياناً تنفجر لدى الجماعات ويعملون بها، مع أنه في الغالب ليس إلّا نتيجة سطحية لعمل سابق طويل يجب أن يُبحث عنه.

    وبينها وفي صميم جميع الآراء ومعتقداتها؛ العِرق، والتقاليد، والزمن، والنظم، والتربية.

    أما العوامل القريبة: هي التي تؤثر تأثيراً مباشراً في روح الجماعات، والتي يمكن سردها بالآتي:

    الصور والألفاظ والصيغ: فالجماعات تتأثر بالصور على الخصوص، وسلطان الألفاظ مرتبطٌ في الصور التي يثيرها.

    الأوهام: ولولا الأوهام ما استطاعَ الإنسانُ أن يخرج من الهمجيَّة الأولى، ولولا الأوهام لعادَ الإنسان إلى الهمجية من فوره.

    "أجل، إنَّ الضلال، لا الحقيقة هو أعظم عامل في تطور الأمم".

    التجربة: "هي الوسيلة الفعّالة الوحيدة تقريباً لتقرير حقيقة في روح الجماعات وللقضاء على ما غدا خطراً من الأوهام".

    العقل: لا يتم التأثير في الجماعات بالمعقولات لكن يتم على الدوام مخاطبة مشاعرها.

    "لم تتَولد بالعقل، بل خلافاً للعقل في الغالب، مشاعرُ كالشرف وإنكار الذات والإيمان الدينيّ، وحب المجد والوطن، تلك المشاعر التي ظلَّت أعظم محرك لجميع الحضارات".

    وإلى جانب العوامل هناك احتياج غريزي للجماعة إلى قائد تطيعه، فهؤلاء الزعماء هم القادرون وحدهم على إيجاد إيمان وعلى وضع النظام للجماعات.

    أما في الباب الثالث والأخير، يقسم لوبون الجماعات إلى أنواع:

    - الجماعات المتباينة: الجماعات المُغفلة، وتسيطر روح العِرق على روح الجماعة في الغالب، وهو الركن المتين الذي يحدد تقلبات الجماعة.

    - الجماعات المتجانسة: تشمل على الفِرق والطوائف والطبقات.

    - الجماعات الجارمة: تنشأ جرائم الجماعات على العموم على تلقين قوي، ويعتقد الأفراد الذين اشتركوا في اقترافها أنهم قاموا بواجب. فتكون جارمة قانونياً لا شعورياً، فتتميز بسرعة التأثر والتصديق والتطرف بالمشاعر.

    في الأخير فالكتاب فصَّل الجماعات بأنواعها، وكيفية تكوينها وتأثيرها ومن يؤثر فيها. ومميزات كل جماعة وخصوصيتها.

    استطاع لوبون أن يفسر لنا الغموض الذي يكترث تصرفات الجماعات، وتطرفها. والسمات الخاصَّة بأفكارها.

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    عشية انقلاب السيسي على حكم الاخوان المسلمين في مصر كان الشارع المصري يمور بشدة بين مؤيد و معارض لما حدث و كان أغلبنا لا يكاد يدرك ما حدث فعلا. كنت وقتها في إجازتي السنوية في مصر و تلقيت دعوة للمشاركة في مظاهرة مناهضة للانقلاب في ساحة اكبر مساجد المدينة التي أقيم فيها.

    ذهبت في الموعد المحدد لأجد حشود قليلة تتزايد باطراد و جلها من التيار الإسلامي دونا عن غيره الا من حضر بصفته الفردية مثلي و مثل من دعاني الى التظاهرة و بعض الأفراد المعدودين.

    ما لبثت المظاهرة التي بدأت بالهتاف ضد الانقلاب و الديكتاتورية العسكرية و وأد الديموقراطية الوليدة حتى انزلقت الى سب امريكا و اسرائيل ثم سب الكنيسة المصرية و بطريركها الى ان وصلت الى الذروة برفع الشعارات الاسلامية الخالصة مما جعل كل من كان مترددا في المشاركة يرحل عن المظاهرة رويدا رويدا حتى انتهى بها الحال ان اقتصرت على التيار الاسلامي و بعض الافراد المشاركين بصمت و قهر و يأس مثلي و مثل بعض الأصدقاء.

    الجولة الثانية كانت في اعتصامات رابعة العدوية التي ذهبت اليها لتفقدها على أمل المشاركة الواعية الا اني وجدتها قد تم خطفها أيضا لصالح تيار واحد مسيطر نجح تماما في صناعة الفشل و بامتياز فقد حول الحراك السياسي بأكمله من حراك شعبي نحو الديموقراطية الي حراك طائفي يهدف لتطبيق الشريعة الإسلامية مما سهل مهمة قمعه و تهيئة فرصة تاريخية لخطف الثورة من أيد لم تحافظ عليها و لم تحبها و لم تعمل من أجلها لأياد تحتكر الوطنية الزائفة و تحترف خداع الجماهير و قيادتها بالعصا و الجزرة بعد تغير طفيف في الموضع الذي تعودنا أن نرى فيه الجزرة.

    من أجل ذلك أقرأ هذا الكتاب.

    يرى لوبون أن الشعوب كائنات عضوية ذات خبرات تراكمية تتوارثها الأجيال في جيناتها و لا وعيها و يصعب تغيير تلك الخبرات التي يسميها بروح الشعوب أو تأثير العرق إلا بتراكمات أجيال و جهد حثيث متواصل من التغيير تماما مثل التغيير الجيني عند داروين أو التغييرات الطبيعية الجيولوجية. و قديما فطن أجدادنا لتلك الحقيقة و إن على مستوى الفرد بأن قالوا: العرق يمد لسابع جد.

    و زوال العقائد و الأفكار البطيئة لا يأتي فجأة و لا حتى بالثورات و إنما يتآكل و يتحلل عبر العقود و القرون إلى أن تأتي ثورة فتكنس بقايا تلك الأفكار و العقائد و قد لا تقضي عليها نهائيا إلا بعد وقت طويل و في بعض الأحيان يأتي من يبعث تلك الأفكار من الرماد كالعنقاء.

    لا شك أن لوبون محافظ جدا و يكره الثورة و الثوار أيا كانت عقيدتهم و يزدري الجماهير و فكرها في أكثر من موقع و لكنه قادر على تحليل نفسية الجماهير و طرح إشكاليات فهمها على طاولة البحث التي تؤدي في النهاية إلى فهمها و احتوائها أو توجيه أفكارها بسهولة و بنتائج ملموسة.

    يمكن تلخيص نظرية لوبون حول الجماهير إلى الأتي:

    الجماهير ظاهرة اجتماعية.

    عملية التحريض هي التي تفسر انحلال الأفراد في الجمهور و ذوبانهم فيه.

    القائد المحرك يمارس ما هو أشبه بالتنويم المغناطيسي على الجماهير.

    من أبرز أمثلة الزعماء المتلاعبين بعواطف الجماهير نابليون قبل صدور الكتاب و هتلر بعد صدوره و عبد الفتاح السيسي في عصرنا الميمون و الذي داعب أحلام الجماهير في أول ظهور مؤثر له بقوله: انتوا متعرفوش أن انتوا نور عنينا و الا ايه؟ و وعدهم أن مصر هتبقى أد الدنيا و ها نحن في الطريق إلى الشتات في جميع أرجاء الدنيا كما تنبأ سيادته.

    أما مجموع الخصائص الأساسية للفرد المنخرط في الجمهور:

    تلاشي الشخصية الواعية – هيمنة الشخصية اللاواعية – توجه الجميع ضمن نفس الخط بواسطة التحريض و العدوى للعواطف و الأفكار – الميل لتحويل الأفكار المحرض عليها إلى فعل و ممارسة مباشرة.

    و هكذا لا يعود الفرد هو نفسه و إنما يصبح عبارة عن إنسان آلي ما عادت إرادته بقادرة على أن تقوده.

    إن الاستبداد و التعصب يشكلان بالنسبة للجماهير عواطف واضحة جدا. و هي تحتملها بنفس السهولة التي تمارسها. فهي تحترم القوة و لا تميل إلى احترام الطيبة التي تعتبرها شكلا من أشكال الضعف. و ما كانت عواطفها متجهة أبدا نحو الزعماء الرحيمين و الطيبي القلب. و إنما نحو المستبدين الذين سيطروا عليها بقوة و بأس. و هي لا تقيم تلك النصب التذكارية العالية إلا لهم. و إذا كانت تدعس بأقدامها العارية الديكتاتور المخلوع فذلك لأنه قد فقد قوته و دخل بالتالي في خانة الضعفاء المحتقرين و غير المهابين. إن نمط البطل العزيز على قلب الجماهير هو ذلك الذي يتخذ هيئة القيصر. فخيلاؤه تجذبها. و هيبته تفرض نفسها عليها. و سيفه يرهبها.

    الجماهير بمجموعها قاصرة عن فهم حقيقة الأشياء و إن فهمها البعض كأفراد و بصورة نخبوية. و رجال الحكم و السياسة يعون ذلك و يفهمونه و هم لذلك لا يعارضون المزاج العام للجمهور مهما كان خاطئا أو بعيدا عن المصلحة العامة و إنما يداهنون و يهادنون حتى يمرروا سياستهم دون ضوضاء أو شغب.

    نستنتج من ذلك أنه ليست الوقائع بحد ذاتها هي المؤثرة على المخيلة الشعبية و إنما الطريقة التي تعرض بها تلك الوقائع. و معرفة طريقة التأثير على الجماهير إنما هي الضمانة الأكبر لحكم هذه الجماهير أطول فترة ممكنة بأمان و طمأنينة.

    و من أهم العواطف المؤثرة في الجماهير: العاطفة الدينية و التي تتلخص خصائصها في التالي:

    عبادة إنسان يعتبر خارقا للعادة – الخوف من القوة التي تعزى إليه – الخضوع الأعمى لأوامره – استحالة أي مناقشة لعقائده – الرغبة في نشر هذه العقائد – الميل لاعتبار كل من يرفضون تبنيها بمثابة أعداء.

    و سواء أسقطت عاطفة كهذه على الإله الذي لا يُرى أو على صنم معبود أو على بطل أو فكرة سياسية فإنها تبقى دائما ذات جوهر ديني.

    لو أننا دمرنا كل الاعمال الفنية والنصب التذكارية المستلهمة من قبل الدين والموجودة في المتاحف والمكتبات وجعلناها تتساقط علي بلاط الرصيف. فما الذي سيتبقى بعدئذ من الاحلام البشرية الكبرى؟ إن سبب وجود الآلهة والأبطال والشعراء أو مبرر هذا الوجود هو خلع بعض الأمل والوهم علي حياة البشر الذين لا يمكنهم أن يعيشوا بدونهما. وقد بدا لبعض الوقت أن العلم يضطلع بهذه المهمة. ولكن الشيء الذي حط مكانته في نظر القلوب الجائعة للمثال الأعلى. هو أنه لم يعد يجرؤ علي توزيع الوعود هنا وهناك. كما أنه لا يعرف يكذب بما فيه الكفاية.

    الحق ان الشعبوية ناجحة في الهدم و الضغط و التوجيه أم البناء فهو للنخبة و أهل الحكم و السياسة فإذا امتلكت النخبة ناصية الحكم بنفسها أو تحالف مع ديكتاتور يحكم بقوة السلاح كان من الممكن تعويض ما تم هدمه. و اذا نظرنا الى نموذجي مصر و تونس كثورتين شبه متلازمتين فسنجد أن الفارق الملفت بينهما هو ثقافة النخبة و وعيها و انحيازاتها الفكرية أما الشعوب فيسكتها القمع و لقمة العيش و الخطب المخدرة و الوعود الزائفة إلى حين.

    و من أهم عناصر حكم الجماهير عنصر الهيبة الشخصية للقائد أو الزعيم. و الهيبة الشخصية التي تنتزع بالفشل تُفقد بسرعة. و يمكن أن تتلف أيضا بالجدل و المناقشة و لكن بطريقة أكثر بطئا. و لكن هذه العملية تولد تأثيرا مؤكدا. فالهيبة التي تصبح عرضة للنقاش لا تعود هيبة. فالآلهة و الأشخاص الذين عرفوا المحافظة على هيبتهم لم يسمحوا أبدا بالمناقشة. فلكي تعجب بهم الجماهير و تعبدهم ينبغي دائما إقامة مسافة بينها و بينهم.

    و في مصر سقطت هيبة عمر سليمان ببضع كلمات ألقاها و سقطت هيبة أحمد شفيق بحوار تلفزيوني واحد و هما صنمان صنعهما الإعلام الغربي و الشعبي و أعدهما كب��يل لمبارك في حالة سقوطه و لكن التاريخ كان له رأي أخر.

    في النهاية فقد قدم الرجل الخريطة النفسية للجماهير لمن أر

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
المؤلف
كل المؤلفون