فوز رواية (حرب الكلب الثانية ) للكاتب الفلسطيني الجميل ’’إبراهيم نصر الله‘‘ بجائزة البوكر العربية(1) فوز منطقي جدًّا في رأيي.. طبعًا بعيدًا عن كل ما يتعلَّق بفكرة إن رئيس اللجنة فلسطيني(2).
الرواية كانت في منافسة حقيقية في رأيي مع رواية (الحالة الحرجة للمدعو ك.) للروائي اللبناني ’’محمد عزيز‘‘ فقط. أما الروايات الأربعة(3) اللي كانت مرشّحه كانت كلها بتضعف وجود بعض؛ الأولى عن السودان وتخيًّل للوضع تحت حكم ’’النميري‘‘ اللي بيظهر في شخصية ’’المهدي‘‘.. والتانية عن المأساة السورية، التالتة عن الوضع العراقي، والأخيرة عن الحالة الفلسطينية.
الأربعة كلهم كانوا عن الوضع المأساوي لدولهم، أفضلهم كانت (زهور تأكلها النار ) للروائي السوداني صاحب اللغة العذبة ’’أمير تاج السر‘‘ وكانوا للأسف أفكارهم شبه مكررة، فيهم شغل حلو لكن مش أفكار جديدة ومختلفة. بمعنى آخر الأفكار دي اتهرست في خمسين فيلم قبل كده، وده لا ينفي جودة روايات منها أكيد.
أما حرب الكلب والحالة ك. كانوا أصحاب الأفكار الجديدة، الأولى سوداوية تبشِّر بمتقبل الإنسان العربي المظلم، والتانية مقلقة وثرثرة سوداوية هائة تمامًا عن حالة مصابة بالسرطان.
ونرجع لحرب الكلب مرة تانية...
الرواية كانت مختلفة وصادمة جدًّا في فكرتها؛ وخاصة لما تطلع من كاتب عربي، أفكار الديستوبيا والخراب بالشكل المستقبلي الخيالي ده نادرًا ما كان في عربي بيكتبه ويطلع بالجودة دي. كنا متعودين إنها تكون دايما أدب أجنبي، إنما أدب عربي؟ فده كان شيء يستحق التقدير جدَّا والله، ولما يكتبها كاتب مثقّف واعي ومناضل عربي وصاحب خيال وتركيبات جمل حلوة فدي مكانش ينفع متكسبش بأي حال والله...
سواء بداية من الجو العام للقصة باختفاء النهار تمامًا وإنه اليوم كله أصبح ظلام في ظلام تام، وما تبع ذلك من عفونة في الجو، وتعفّن الكائنات والنباتات وندرتها. واختفاء كل ما يتعلَّق بعالمنا الحالي واعتباره من الماضي. وسيطرة القلعة ورجالها على البلد، وتحوّل واحد من المناضلين السابقين ضد القلعة إلى رجل براغماتي نسى ماضيه بوضعه الجديد.
وتخيُّل وكتابة الوضع اللي ممكن يوصله الحال، وظهور فكرة الاستنساخ وإدخالها في سياق روائي عربي كان مبهر، تأثير التكنولوجيا على عالمنا في سياق عربي كان مبهر جدًّا والله.
وكما قال نصر الله في خطابه بعد الجائزة: الرواية تنبأ بمستقبل أسود؛ لإن الكتّاب هنا ليصدموا العالم. وكانت صدمة ما بعدها صدمة.
---------------
ملحوظة أخيرة؛ فكرة الديستوبيا والمدينة الخَربة، قريت فيها اتنين كتاب عرب خيالهم عظيم وأبهرني؛ رواية (يوتوبيا ) للراحل العظيم ’’أحمد خالد توفيق‘‘، والتانية (فئران أمي حصّة ) للمبدع الكويتي ’’سعود السنعوسي‘‘.
أما بالنسبة للخيال العلمي المختلف عن السير الروائي العربي، فقريت رواية (التفاحة والجمجة ) للراحل ’’محمد عفيفي‘‘ واللي هكتب عنها يوما ما، بس هي عظيمة، عن مجموعة مركبهم غرقت في وسط البحر ولقيوا نفسهم على جزيرة مهجورة وعندها يبدأ الخيال.. افتكروا لو قريتوها إنها مكتوبة في السبعينات تقريبًا.
---------------
هوامش:
1) الاسم الحقيقي مش (البوكر ) اسمها: الجائزة العالمية للرواية العربية.
2) رئيس اللجنة الأديب الفلسطيني: إبراهيم السعافين.
3)الروايات الأربعة الأخرى: زهور تأكلها النار، أمير تاج السر. ساعة بغداد، شهد الراوي. وارث الشواهد، وليد الشرفا. الخائفون، ديمة ونوس.
- لينك تحميل الرواية: ****