المؤلفون > عبد الوهاب المسيري > اقتباسات عبد الوهاب المسيري

اقتباسات عبد الوهاب المسيري

اقتباسات ومقتطفات من مؤلفات عبد الوهاب المسيري .استمتع بقراءتها أو أضف اقتباساتك المفضّلة.


اقتباسات

  • يجب ألّا نحكم على نسق فكري أو اجتماعي ما إلّا بعد توصيفه وتصنيفه، ثم ننصرف بعد ذلك لإطلاق الأحكام القيمية. وحينما نفعل ذلك يجب أن نكونَ واعين بما نفعل وبأن التقييم يختلف عن الوصف. كما يجب أن نكون مدركين للمنظومة القيمية التي ننطلق منها والفلسفة التي نصدر عنها، وأن نعرف أن الحكم القيمي هو في نهاية الأمر حكم يحوي داخله شرعيته، فإن كنت تحكم على الظاهرة من منظور إسلامي فأنت تفعل ذلك لأنك مؤمن بالإسلام، وبالتالي فمنطق الحكم (الذاتي) مختلف عن منطق الأشياء (الموضوعي). ولعل هذا الموقف يُمكِننا نحن المسلمين من أن ننفتح على العالم دون أن نفقد هويتنا وقيمنا، إذ يمكنني، في هذه الحالة، أن أقوم بقراءة عمل أدبي ما فأصفه وأحلله وأبين بنيته والصور المجازية المتواترة فيه ومعناه وارتباط شكله بمضمونه، بل ويمكنني أن أبين مواطن الجمال فيه كعمل أدبي وأربطه بالتقاليد الأدبية التي يصدر عنها -أي أن أقوم بعملي كناقد أدبي، ثم بعد أن أنتهي من المرحلة الأولى هذه انتقل إلى المرحلة التقييمية التي أتحدث فيها كمسلم وأرفض القيم التي وردت في العمل الذي قمت بتحليله وتوصيفه وتقييمه كناقد أدبي - أرفضه كمسلم لأنه ربما يجسد قيماً أخلاقية لا تتفق مع قيمي الدينية، وبهذا لن يضطر المسلم إلى رفض دراسة عمل ما أو ظاهرة ما لأنها منافية للدين والأخلاق، وإنما سيدرسها بموضوعية اجتهادية ثم يقيّمها من منظوره. وقد يقال إن في هذا تناقضاً مع الذات، ولكنني أرد قائلاً إن في هذا تقبلاً لحقيقة أساسية وهي أن الواقع الإنساني مركب يحتوي على بنىً متداخلة غير مترابطة. وحيث إنه لا توجد علاقة حتمية بين الجمال والخير والقبح والشر، فعلينا أن نتقبل تعدد البنيات فنصف ثم نقيَّم.

  • وحينما نقول صورة مجازية فنحن لا نعني شيئاً هبط علينا من القمر، وإنما نتحدث عن وسيلة لإدراك ما لا يمكن إدراكه بشكل مباشر نظراً لتركيبيته. وكما نعلم يصف القرآن الكريم الله سبحانه وتعالى بأنه «ليس كمثله شيء» أي أنه لا يوجد لغة يمكنها أن تساعدنا على إدراك كنه الله عز وجل. ولكن مع هذا ينقل القرآن الكريم مفهوم الله إلى عقل الإنسان القاصر عن طريق صورة مجازية مركبة، «الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح». ويا لها من صورة مجازية متواضعة، ولكنها تعكس لعقل الإنسان القاصر فكرة اللا متناهي. ثم ينطلق القرآن من هذه الصورة المجازيَّة فيكثفها «المصباح في زجاجة، الزجاجة كأنَّها كوكب دريّ». وهكذا خرجنا من الصورة المجازية المتواضعة المستقرة في عالم الحدود إلى صورة مجازية أخرى تكاد تكون لا متناهية، فعقل الإنسان حينما ينظر إلى الكوكب الدرّي، فإنه يشعر بالرهبة -ولكن الرهبة هنا لا تزال رهبة أمام المخلوق، ولكنها مع هذا تصلح كصورة مجازية على الرهبة التي يمارسها الإنسان أمام الخالق- صورة مجازية وحسب إذ يظل الله وحده هو اللا متناهي. ثم بعد الإشارة إلى اللانهائي والإيحاء به نعود مرة أخرى لعالم المألوف «يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية». لا زلنا في عالم النور الإلهي، ولكننا انتقلنا من المشكاة التي فيها المصباح إلى الكوكب ثم نعود إلى وقود المصباح؛ إلى تلك الشجرة المباركة التي أُخذ منها الزيت، ثم نصل إلى الزيت نفسه «يكاد زيتها يضيء ولو لم يمسسه نار». وهكذا تزداد الصورة المجازية كثافة بإضافة الأبعاد لها، ويزداد تشتُّت مركزها مما يبعدها عن أي تجسيد أو تشبيه. ولا يمكن أن ندّعي أننا ندرك الذات الإلهية إدراكاً كاملاً في نهاية الآية، فهو عز وجلّ ليس كمثله شيء، وإن كنا قد اقتربنا منه في إدراكنا بعض الشيء.

  • في تصوري أن إحدى مشكلات الفكر العربي أنه لا يزال فكراً مضمونياً أي يتعامل مع المضامين المباشرة ولا يصل إلى العلاقات المجردة الكامنة، أو إلى النماذج المعرفية كما عرَّفتها.

  • لعلَّ أكبر دليل على أن الصهيونية ظاهرة غربية استعمارية، وليست ظاهرة يهودية عالمية أنها لم تنشأ في صفوف اليهود العرب أو يهود إثيوبيا -على سبيل المثال-، كما أنها لم تنشأ في صفوف الغرب إلّا في القرن التاسع عشر، عصر الرومانسية والإمبريالية والعنصرية والتوسع.

  • فالإنسان لا يصل إلى نوع من العقلانية وإلى شيء من التوازن بين الحلم والواقع إلّا من خلال الممارسة التي يدفع أثناءها ثمن أخطائه وشطحاته. أما بالنسبة للصهاينة، فثمة قوى خارجية هي التي تسدد فواتير أخطائهم وأوهامهم، ولذا فهم يستمرون في ترديد شعاراتهم الفاشية ويتحدثون عن حدودهم المقدسة الآمنة ويطرحونَ برامجهم السياسية المطلقة التي تعود جذورها إلى ماضٍ سحيق لم يبقَ منه سوى بعض الآثار والأطلال.

  • فالإنسان لا يصل إلى نوع من العقلانية وإلى شيء من التوازن بين الحلم والواقع إلا من خلال الممارسة التي يدفع أثناءها ثمن أخطائه وشطحاته.

  • والعقل البشري المبدع الخلَّاق يتحول في يد الصهاينة إلى العقل اليهودي الخلاق، القادر على إعادة صياغة الواقع، عقل قادر على غزو الأرض الفلسطينية فيجفف المستنقعات ويزرع الصحراء، وكأنَّ الفلاحين الفلسطينيين لم يكونوا من أكثر شعوب الأرض إنتاجية وحرصاً على أرضهم!!!

  • أما من حيث الفرادة والفردية فهذا موضوع أساسي في الفكر الصهيوني، وهو ولا شك مرتبط بفكرة المطلق. فالمطلق الصهيوني الذاتي، فريد مقصور على الصهاينة. وهم يتحدثونَ دائماً عن التجربة التاريخية اليهودية باعتبارها تجربة فريدة لا يمكن أن يُشارك فيها غير اليهودي، بل لا يمكن أن يدركها غيرهم.

  • إذا نظرنا إلى الصهيونية لوجدنا أن النموذج المعرفي الكامن وراءها يحمل كثيراً من سمات وملامح الرومانسية، أيّ البحث عن مطلق يتجاوز السطح. الفكر الصهيوني يدور حولَ مطلقات ثابتة غير خاضعة للتغيُّر؛ مثل العودة إلى صهيون والشعب المختار وحقوق الشعب اليهودي والأرض اليهودية المقدَّسة، فهذه كلها مطلقات تتجاوز التاريخ وسطحه وحدوده. ومصدر إطلاقها كلها هي أنها يهودية.. أيّ أن المطلق الذي لا يتغيَّر هو اليهود واليهودية. ولكن اليهود واليهودية يوجدان داخل الزمان والمكان، ومن هنا ما سميته بتداخل النسبي والمطلق في كل الظواهر الصهيونية، بحيث تصبح كل الأشياء مطلقة بما في ذلك أتفه التفاصيل.

  • يمكن تلخيص الموقف الرومانسي بأنه موقف يؤمن بمقدرة عقل الإنسان (بالمعنى الواسع للكلمة الذي لا يستبعد العاطفة) على الإدراك المبدع للعالم وعلى صياغته وتشكيله. -ويمكن تفسير كل الموضوعات الرومانسية الأخرى في هذا الإطار- فالعودة للطبيعة وللماضي هي عودة لعالم مُرَّكب، أعماقه غير خاضعة لقوانين المادة، يمكن للخيال الإنساني أن يحلق فيه، ويمكن للعقل الخلَّاق أن يطلق لنفسه فيه العنان.

  • لذا من يُعبِّر عن عاطفته إنما يعبِّر عن ذاته، ومن يُعبِّر عن ذاته يُعبِّر عن فرادته التي لا يُشاركه فيها إنس ولا جان.

  • يرى الرومانسيون بأنَّ العاطفة هي التي يمكنها أن تفعل ذلك، فالإنسان في حالته العاديَّة، وفي حياته اليومية، لا يستخدم سوى حواسه وعقله (بالمعنى الضيّق للكلمة)، أمَّا إذا جاشت عواطفه فإنها ترهف حواسه وتعمّق إدراكه بحيث يتجاوز السطح ليصلَ إلى الأعماق وإلى جوهر الأشياء، إنَّ العاطفة تهدم حدود الحواس والأشياء، ولذا فالصور الشعريَّة المجازية تتسم بوحدة داخلية مختلفة تمام الاختلاف عن الوحدة الخارجية (المنطقيَّة) التي تتسم بها الأشياء العاديَّة؛ فالأولى مستقاة من منطق الروح الحيّ، والثانية مستقاة من منطق الأشياء الميتة.

  • فالخيالُ وحده هو الذي يُمكِّن الإنسان من تجاوز عالم المادة ليصلَ إلى الأعماق والجوهر المطلق، والخيال لا يبتدع صورًا خرافيَّة لا علاقة لها بالواقع، وإنما يُساعد الإنسان على تخطي المعطيات الحسيَّة بأن ينحت صوراً مجازية دالة، تسهِّل على المرء عملية إدراك جوهر الواقع.

  • وهذا الحديث الرومانسي يشكل الأساس الفلسفي لتفكير بعض قادة إسرائيل من الليبراليين والاشتراكيين، الذين يؤمنون بأن الحرب مع العرب ليست وسيلة لضم الأرض والتخلص من الفلسطينيين وحسب، بل هي أيضًا الطريقة الوحيدة لتأسيس الحضارة الإسرائيلية ولتحرير اليهودي من الخوف…

  • أي أنه كان على الصهيونية الاختيار بين الإنسان اليهودي والمثال الصهيوني وهي لم تتردد في اختيار الأخير (ولهذا لم يقم الصهاينة بأي مجهود لمساعدة اليهود بل ركزوا كل جهودهم على تشجيع الهجرة إلى أرض الميعاد).

  • بل إن العنف يمتد ليشمل يهود الدياسبورا الذين يحتقرهم الصهاينة أيما احتقار لرضاهم بوضعهم التاريخي (بالمعني المألوف للكلمة وليس بالمعنى الصهيوني). ويأخذ هذا العنف أشكالًا عدة؛ فهناك الإرهاب الفكري ضد كل من يرفع صوته ضد الصهيونية كفكر، وهناك أيضًا محاولة

  • كان يعلم جابوتنسكي تمام العلم أن الدولة اليهودية بإنشائها على أرض عربية كان من المقدر لها أن تصبح دولة مطاردة منبوذة (مثل اليهودي في المنفى حسب تصور الصهاينة)، ولكن السمسار داخله يجعله يرى إمكانيات البيع والشراء وإمكانيات تحويل الدولة المنبوذة.

  • لأن الحق في العودة إما أن يستند إلى وعد أسطوري تلقاه اليهود في أول الأيام أو إلى رغبة سيكولوجية تعتمل في نفوس اليهود، وكلا الوعد الأسطوري والرغبة السيكولوجية، حينما تتحولان إلى برنامج سياسي لا يمكن مناقشتهما بشكل عقلاني

  • المجتمع الصهيوني لن ينهار من الداخل لأن مقومات حياته ليست من داخله، وإنما من خارجه، إذ يوجد عنصران يضمنان استمراره، رغم كل ما يعتمل داخله من تناقضات، وهما الدعم الأمريكي و الغياب العربي