اقتباسات وصال تقة

ولماذا النسيان يا طارق إن كنا نستطيع أن نستنقذ من بين آلامنا أشياءنا الجميلة، ونستبقيها حاضرة؟ قد نعيد تدويرها فنصوغها قطعة شعر أو قصة أو لوحة فنية. لماذا إرغام الذاكرة -عبثًا- على التعافي، وإرهاقها بفك فصوصها لأجل راحة قد تأتي من بعد وقد لا تأتي؟

فهلا أنصفتموني وقد سمعتم حكايتي، واقتنعتم أنني كما النَّسْمة، وتوسمت فيكم الحكمة والعدل، مِن هؤلاء الذين يتهمونني- ظلمًا وعدوانًا- بأنني عنيد متعصب؛ أعارض فقط لأجل الاعتراض؟

تقول أن المرض يُهندم الإنسان، ويعيده إلى حالته الإنسانية، ويبعده عن الحيوانية ‫ - بالضبط بل ويبني معماره الروحي إن استطاع أن يوصله تأمله إلى خالق الداء والدواء، موزع الرحمات، و إلى ضآلة الدنيا، وإلى قيمة الأخلاق وثمار السعي والكدح .

نحن قد فُرض علينا الحلق، اضطررنا إليه، أما هما؛ فقد قاما بذلك اختيارًا لنية مسبقة فعن أي تضامن تتحدث؟ قد سقطا من عيني، ولا أعلم إن كان قلبي سيسامحهما يومًا أن عبثا بتصاريف أقدارنا، فجعلاها فرصة «للبوز» ‫ صفعة جديدة من هذا الفتى.

آخر عهد لي بك حينما قُبلتَ بكلية الطب، وكنتَ حائرًا بين وُلوجها أو اختيار مدرسة الفنون ثم انقطعت الأخبار بيننا بسبب انتقالي للدراسة بالبيضاء، إذ حينها لم يكن قد أنشئ بعد فرع لمدرسة التجارة والتسيير بطنجة أذكر أنك؛ حين افتراقنا؛

الحنين مهرب، والذكرى منفذ إغاثة محفوف بالألغام، قد تعود بك منه -إن عدت- فائزًا بك، وقد تبقى عالقًا هنالك محاصرًا، لا أنت قد ظَفَرْتَ بك، ولا أنت امتلكت.

حبهما وحنانهما الذي كان يلفني أحزنني لم أكن أستحقه وقد عرَّضتهم لفزع وألم وحزن كبير ‫ - لماذا أفجعتنا عليك؟ ما الذي كان ينقصك كي تقرر الانتحار؟ ‫ تزامن استيقاظي مفزوعًا من هذا الكابوس مع جرس المنبه معلنًا موعد استيقاظي اليومي.

فطنوا إلى سمنتي المفرطة، وقامتي العملاقة:

‫ - “خنزير بالمؤسسة؟”

‫ - “بل فيل..”

‫ - “مرة في حينا، زارنا فيل ظريف.

شتنبر (أيلول)، حيث الشمس تصر على أن تشرق أكثر وهجًا، وأن تلفح الوجوه، وأن يحرق لهيبها الجفون؛ يتسرب للشريان، كما الكثير من الأشياء التي حينما تقرر الرحيل؛ تصيبها نوبة اشتعال، ثم تغرق في تفاصيل الأفول..

‫ لا أحد يستطيع استجداء نظرة من عيون الصامتين. ولا بسمة من ثغور الغائبين. ‫ لا أحد يجبر القلوب على التفاتة إن لم تنبعث من رشاحة الأشواق. ‫ تتأبط الهزيمة، ويشق جيوبَها الانكسار وشمس الضحى الجاثمة على ضلع السماء تتكور، تنتكس فتنكس الأنوثة

في أحداق الفجر تنبت الأمنيات.. تلك التي سقتها مدامع النجم.

ت ٩

أيتها الهيوط المتسللة خلسة لتوقظى أجفانى،أتمى مشروعك النورانى،وأيقظى روحى،واحمليها معك فى رحلتك السرمدية لمعانقة النقاء