ذاكرة الجسد > مراجعات رواية ذاكرة الجسد > مراجعة Noor Shroukh

ذاكرة الجسد - أحلام مستغانمي
أبلغوني عند توفره

ذاكرة الجسد

تأليف (تأليف) 3.9
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
1

قراءتها كانت عملاً مرهقاً بامتياز ومملاً بارهاق!

ولم اقرأها رغبة في قراءتها، وانما فقط حتى لا يسكتني مريدو أحلام بالعبارة التي اخشى ان تفقد نقدي مصداقيته: "لن تفهمي لأنك لم تقرئيها"

فقرأتها.....

يا الهي!

أن يكون هذا الحشو مثالاً تمتلئ به القتيات اعجاباً وتهيم بكاتبته أمرٌ مرعبٌ حقاً!

لذلك اكتب هذا الـ"ريفيو"... واعتذر مسبقاً ان كانت بعض العبارات جريئة نوعاً ما، وليعلم من يقرأ هذه السطور انني -برغم ذلك- لم اوفِ الكاتبة حقها من حيث "الجرأة"!

أولاً... فالكتاب يضيع بين الرواية، والخاطرة، والفلسفة... احداث الرواية باهتة... كنت اظن انني ساقرأ "قصة حبّ"... لكنني لم اجد قصة! رجل التقى بامرأة بضع مرات وتبادل معها بعض العبارات فغرق في قصة عشق وهمية بدأت وانتهت في عقله... كلام كثيييييييييير عن انطباعاته وتاملاته... الكثير الكثيييييير من الدراما التي صنعها بينه وبين نفسه... قصة عربية شرق اوسطية تتكرر حتى الملل: رجل يضعف امام امرأة، ثم يلقي كل اللوم عليها لرخاوته

أما الفلسفة فهي ملويّة ليّاً لتناسب مقاماتها في الرواية... متكلّفة حد الصداع... غير تلقائية... مصاغة بلغة مفرطة البلاغة... الصور ليست في مكانها... التشبيهات مبالغ بها... المجازات تكاد تجعلك تسمع عقل المؤلفة يلهث من التعب!

من أراد ان يقرأ الفلسفة فليتوجه الى كتب الفلسفة الحقيقية... ومن اراد ان يستمتع بفصاحة العربية فليقتح كتاباً للرافعي او للمنفلوطي... ومن اراد قراءة قصص الغرام والانتقام فليتناول روايات عبير ويشبع نفسه قصص حب، واحدة وراء الأخرى

أما ان يتظاهر احدهم ان رواية كـ"ذاكرة الجسد" تجمع من صنوف المعرفة والثقافة والأدب الكثير، فاعذروني حين اقول: دعكم من وهم الروايات التي تشبه النسكافيه 3 في 1! فهذه الروايات تصنع مثقفين لا يجيدون سوى نشر الاقتباسات المصورة من صفحات "رواياتهم المفضلة" -غالباً تعد على الاصابع- او صياغة فكرة براقة تصلح لتحديث حالة على "تويتر".... ليس اكثر...

ثانياً... ان اقتنع بفكرة مفادها ان من الطبيعي ان يغرم ابن الخمسين بفتاة تصلح لتكون بعمر صغرى بناته لو كان تزوّج لهو ضربٌ من الجنون... الرجل يحمل طفلة رضيعة يقبلها ويعطف عليها... ثم يعشقها اذا كبرت؟

هذه فكرة لو جاءت بها هوليوود في سياق فيلم لهاجمناها لانها "تهدم قيمنا المجتمعية وتدس السم في عقولنا"

ولو جاء بها عالم دين ليقول بصحة زواج خمسيني من عشرينية لهاجمناه بدعوى الرجعية واتهمناه ومن مثله بتقزيم المرأة وتقييدها والانتقاص منها

لكن حين تجيء بها أحلام مستغانمي في سياق رواية حب، فعلينا ان نسبل العيون ونذبل الجفون ونذوب وجداً ونذرف الدموع على ذلك المحب الحزين، ونستميت دفاعاً عن هذا الأدب!

ثالثاً: هذا التكرار المقيت لمفهوم "الشهوة" وزجّه في كل مكان، وفي كل فكرة، وفي كل مبدأ، وفي كل تشبيه، امرٌ مقرف تماماً! أمرٌ جعلني ارغب بالقاء الرواية جانباً عدة مرات لأنني اكتفيت من هذه التصويرات المقرفة! فكل ما حول بطل الرواية يشتهي كل شيء... ولا يرى ذلك الرجل شيئاً الا من منظور اشتهائه لمحبوبته... لقد مسخت المؤلفة حتى الوطن بزجه في هذا المفهوم! فكل نصر او هزيمة صورته الكاتبة من وجهة نظر "الرجولة الهرمونية"... شيء مقرف!

رابعاً: التعدي الصارخ على ماهو مقدس ومهاب لايحتمل! هل من الطبيعي ان يستمر رجل يحب امرأة ما "باغتصابها في خياله"؟ حتى اثناء مراسم زفافها الى سواه؟ اليس للزواج قدسية حتى بيننا وبين انفسنا؟ هل هذا ما يعلمه الأدب للناس؟ ايها الرجل... ان من كمال حبك لتلك المرأة ان تستمر في تخيلها بين يديك حتى لو تزوّجت! أهذا ما نريد تعليمه للخلق؟ اهكذا "يرتقي" الأدب بالناس؟

خامساً: ما اعرفه هو أن الادب الراقي يفترض به ان يعزز القيم الخيّرة في الناس ويصوّر القيم الشريرة بصورة قاتمة... لكنني وجدت هنا العكس! فهنا البطل يتعلم كيف يستصغر ذنوبه حين يقارنها بذنوب الناس... ويعتبر تبريره لعلاقاته الغرامية الماجنة مع النساء الباريسيات بانهن نساء غير متزوجات وبأنه لا ينتزع زوجة من بين يدي زوجها ضرباً من المثالية... يكفي ان نجعله مشاركاً في الثورة فاقداً لذراعه فيها، ومحتقراً للقساد السياسي والمالي فيها حتى نجعله بطلاً... او حتى "نبيّاً"... على فكرة... البطولة السياسية ليست هي الفضيلة! والفضيلة لا تتجزأ! والـ"بطل" السياسي غير الفاسد الذي يبرر لنفسه انحرافاته خارج السياسة هو فقط رجل بذمة لم يدفع له احد لقاءها ثمناً كافياً! انها مسألة وقت حتى يقابل المشتري السخيّ بما فيه الكفاية!

ليقرأ "ذاكرة الجسد" ومثيلاتها من أراد ان يقرأ... وليعجب بها... ولكن في مكانها الحقيقي: الأدب التجاري، أو أدب الاثارة. فقط.

خامساً: تقديم هذه الرواية -ومثيلاتها- كأيقونة من قبل النساء اللواتي يكافحن من اجل حقوقهن ضربٌ من السخرية اللاذعة المذاق! فقط كون الكاتبة تكتب بجرأة وتطرق ابواباً لم يطرقها احد قبلها لا يجعلها حقوقية نسائية... هذه الرواية كتبت وصيغت بعقلية مستعبدة تماماً لمجتمع ذكوري بحت! هذا الكتاب هو الف قيد لأي امرأة تبحث عن التحرر من أغلال المجتمعات القمعية الذكورية! الكتاب يدور في فكرة "المرأة الجسد"... يطوف الكتاب بكل الابعاد الغنية التي يتمدد في فضائها كيان المرأة الحقيقي، ويعيدها ليختزلها في "الجسد"!

سادساً: الحب جميل، وعذب. لكن عمر الانسان ثمين. وكما يقولون "العمر مش بعزقة". الحب المستحيل اسطورة حمقاء صنع منها الفاشلون واجهة يختبؤون خلفها من عجزهم وهزائمهم النفسية، او يبررون فيها لانفسهم نياحتهم عليها، او يصنعون منها هالة تصبغهم بشيء من الحزن الجذاب. لكنها حمقٌ صرف. قصص الحب تفشل وهذا شيء عادي. وخيبة الأمل لا تقتل احداً. والحزن لا يحول انساناً الى حطام. والذين نحبهم ولا يحبوننا او يتزوجون غيرنا ليسو اشراراً ولا منحطين. ولا انتهازيين. لامعنى لأن يتعلق البطل بحبال الهواء مع صبية في عمر بناته حاولت مراراً ان تخبره انها لا تريد ان ترتبط به ويستمر في تخيل نفسه يمارس مجونه معها، ثم يكيل لها الاتهامات لانها تزوجت بآخر قد يوقر لها حياة اكثر راحة. كفانا تبريراً للجري وراء علاقات لن تنجح، وكفانا تزييناً لنواحنا على انفسنا!

لكل ذلك، لا أرى في "ذاكرة الجسد" ما يستحق الهالة التي اكتسبتها.

ولكل ذلك، اقول لكل مريدات أحلام مستغانمي: "ارجوكِ... ثم ارجوكِ... ثم ارجوكِ... اذا كان كل رصيدك من القراءة والثقافة روايات احلام مستغانمي، فلا تدّعي حب القراءة. ولا تلبسي ثوب الثقافة. ولا تتظاهري بالبطولة. كوني محددة، قولي: أنا احب قراءة روايات احلام مستغانمي، وانا لست مثقفة، وانما رصيدي من الثقافة هو روايات احلام مستغانمي، وانا لست بطلة، انا فقط احب ان اسوق اقتباسات من روايات احلام مستغانمي قد لا تتناسب الا مع السياق المقتطع"

وهذه نهاية تجربتي مع احلام مستغانمي ورواياتها!

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق