Overrated
كعادتي أو هوايتي المفضلة – لا أدري إن كانت حسنة أو سيئة - فإني أقرأ الكتب قراءة سلبية، الكتب الأكثر مبيعًا والأكثر ضجةً على وجه الخصوص، وجريًا على هذه العادة قرأت "رواية عن جلال الدين الرومي" قراءة تركز على نصف الكوب الفارغ، هذا إن لم يزد فراغ الكوب عن الثلثين.
في هذه الرواية كمية هائلة جدا جدا من السقطات والهفوات التي – حسب رأيي – لا تغتفر، وكي أكون أكثر دقةً فإن هذه الأخطاء تقع على كاهل المترجم بالدرجة الأولى، فاللغة التي يتحدث بها شمس الدين التبريزي أو جلال الدين الرومي لم تكن لغة صوفيةعلى الإطلاق، كما أني لم أر علاقة الشيخ بالمريد المميزة، والكتاب من أوله لآخره لا تلمس به ولا تشم رائحة الخطاب العرفاني الرقيق، ناهيك عن الأخطاء الفلسفية التي لا تغتفر، وعن سوء ترجمة المصطلحات العلمية "العرفانية" فحدث ولا حرج، وأما المغالطات ودس النظرة الاستشراقية عن التصوف والعرفان، فالرواية تفيض بها ولا تكتفي بالامتلاء، فهذه النظرة تحاول إعلاء فكرة معينة عن التصوف لتضعها أمام الدين ندًا لند، فافهم.
أقيم الرواية بـ 4 من 10 لا لشيء، بل لاستفزازها للقراءة فقط لا غير، أما المحتوى العلمي فيها موجود بالتراث الصوف والعرفاني بغزارة، وبكلمات وعبارات وأسلوب ورقي تفوق التصوف المسخ الموجود بهذه الرواية، حبكة لا بأس بها، وأحداث ربما تكون جيدة قد تجعلني أضيف علامة إلى العلامات الأربع السابقة، ولكن تعدد الرواة أمر نفرني من الرواية، فكل شخصية بالرواية راوية، حسب ذاكرتي فإني أحصيت عدد الرواة فوجدتهم 15 !!! وهذا الأمر جعل الرواية تبدو مهلهلة وغير متماسكة دراميًا.
يا أيها المسكين، يا من تظن أنك قطعت في الثقافة شوطًا، أخرج من ضيق وهم الثقافة المزيفة إلى ساحة حقيقة العقل، فهناك لا رأي لك غير أن تردد ما يقوله الآخرون، وتؤمن وتؤيد وتعجب بما يمليه عليك مدعي الثقافة. فتأمل.