العصفورية > اقتباسات من رواية العصفورية > اقتباس

كنا نتحدث، طيلة الوقت تقريباً، عن وطننا العربي. وطننا يانطاسي، لا أوطاننا. كنا نقارن ماتركناه خلفنا بما نراه أمامنا فتعتصرنا اللوعة.

يحدثنا دارس الطب عن الأطفال الذين يموتون في وطننا العربي نتيجة انعدام التطعيم، ونرى أطفال الأمريكان أمامنا محمرّي الوجنات من العافية. ويحدثنا طالب الإدارة عن البيروقراطية العربية وكيف تمتص دم الإنسان العربي. كان تركيب جهاز التيلفون يتم في دقائق. مكالمة واحدة، وبعد ربع ساعة يأتي من يركّب الجهاز. تستأجر جهاز التيلفزيون فيكون عندك بعد أقل من نصف ساعة ورخصة القيادة! لاتستغرق القضية من أولها إلى آخرها ساعة واحدة. من أولها إلى آخرها! فحص العيون والاختبار النظري والاختبار العملي. لم ندفع رشوة لأحد طيلة إقامتنا. ولامرة واحدة. لم ندفع رشوة للحصول على تيلفون. أو تيلفزيون. أو شقة. أو سيارة. أو شهادة.

عندما يستوقفك بوليس المرور يحدثك بأدب، ويعطيك قسيمة المخالفة بأدب. وتدفع الغرامة بالبريد. لاصفعات ولا لعنات ولا إكراميات. ولا "وقف ياولد!!". ولا "ماتعرف أنا مين؟!". وكنا نسأل طالب الإدارة: لماذا؟! لماذا؟! ؛لماذا؟! لماذا يدفع الناس الرشاوي في الوطن العربي ولا يدفعونها هنا؟ لماذا تتعطل الإجراءات عندنا ولاتتعطل عندهم؟ لماذا تصدر معظم رخص القيادة في العالم العربي ،بالواسطة أو بالرشوة ، وبدون امتحان من أي نوع؟ ويرّد طالب الإدارة أن كل هذا سيتغير عندما نعود ونبدأ في تطبيق النظم الحديثة في الإدارة العامة وإدارة الأعمال. عندما نعود نحن ونتولى دفة القيادة. ويتكلم طالب الاقتصاد ويتحدث عن مزايا المشروع الكبير. وكيف يجيء ماء لوس أنجلوس من ضواحي سان فرانسيسكو وماء نيڤادا من اوريجون ، وكان يقول إننا سنطبق كل المبادئ الاقتصادية السليمة بعد عودتنا ، كنا نحلم ، ياطبيب ، بوطن عربي متكامل يتقاسم الخيرات والويلات ، يتقاسم السراء والضراء ، دولة واحدة سياسة واحدة ، قوة عظمى. كنت أنا ، ربما ، أكثرهم حماسة. وأشدهم شوقاً.

مشاركة من Ashwaq ، من كتاب

العصفورية

هذا الاقتباس من رواية