يتحدث المؤلف من خلال كتابه عن حرية المرء في الاختيار القائم على العقل بغية القيام بوظيفته في هذه الحياة والتي يهدف من ورائها إلى سعادته، وبما أن أي وظيفة لا تحدد معالمها إلا من خلال التكاليف فهنا تكتمل الحلقة من خلال الالتزام أو عدمه بالحكم التكليفي والحرية هنا تستلزم تحمل النتائج. ومن خلال وجود المرء على مسرح الحياة فلا مفر أمامه من مواجهة الأسئلة الفطرية... من أنا؟ إلى أين أسير؟ ما الموت؟ هل من حياة بعد الموت؟ هل أنا مسئول؟ هل هناك من أدين له؟ ما مسؤوليتي اتجاهه وما علاقتي به؟ فالمؤلف يعتقد أن الوصول إلى حقيقة الكون والحياة هي أخطر رحلة معرفية في الحياة.
تبدأ الرحلة من خلال إدراك العقل أن لهذا الكون خالقا متصفا بكل صفات الكمال، الذي لا إله إلا هو. فهذه الحقيقة الأولى ومن هنا يأتي الحديث عن حقيقة الإنسان والحقائق الإعتقادية والتي مصدرها هو البيان الإلهي والمتمثل في الوحي. فيتناول الكتاب الحديث موجزا عن الدين الحق والقضاء والقدر وعاقبة الإنسان. إضافة إلى القضية الجوهرية والتي هي محور كل ما سبق، العقيدة، فهي الأساس الذي يدفع بصاحبه للسلوك الملائم والذي لا يتأتى إلا بالاستقرار العقلي والوجداني على حد سواء. ومن هنا كان غرس العقيدة في العقل يقوم على العلم وانتشارها في الفؤاد يقوم على العبادات. وهنا بالذات تطرح المشكلة والمتمثلة في كيفية سد الثغرة بين الإيمان النظري والسلوك العملي.
وأخيرا، يعتقد الكاتب بأن اليقظة ستحدث وبأن نور الإسلام سينبعث من جديد ومن عند الغرب أنفسهم. كما ينبغي أن تنطلق الدعوة للإسلام من جذوره إلى فروعه وليس العكس. أعتقد أنه كتاب جيد وقد استمتعت بمطالعته من خلال فتح الباب للبدء في أقدس رحلة معرفية. أمنح هذا الكتاب أربع نجمات من أصل خمس.