أم أيوب
أم أيوب
عبّر قائلًا

أعلى قليلاً ، إلى سماءِ الشعر المقدّسة./

،،

بعضهم لا يستطيع تأليف بيتٍ واحد من الشِعر العمودي وتراه يهاجمه وينتصر لقصيدة النثر ، وبعضهم لايكلف نفسه عناءَ قراءة القصيدة النثرية والالتفات إلى أبعادها الجمالية والفنية وتراه متمسكا بـ "النظم" المتحيز كثيرًا إلى القافية والوزن دون ابتكار صور جديدة تشعرك أنك تقرأ لشاعر من العصر الحديث لا من عصورٍ آفلة.
القصيدة الحقيقية الاستثنائية تعيش طويلا في قلبِ القارئ ، وتتجاوز العصر ، ونحن نقرأ للمتنبي ولوركا ومايا آنجلو بمتعة كبيرة كما لو أنهم يعيشون معنا في هذا العصر ، بينما نقرأ عشرات القصائد المتشابهة وننساها بمجرد الانصراف عنها ، إما أن تكون قصائد نثرية تعتمد على التكثيف اللغوي دون الإيقاع الموسيقي الجميل ، فهي إذن قصائد تنقصها لمسة ُ كاتبها الخاصة التي تقول للمتلقي : "توقف..هنا مايستحق البقاء". وإما أن تكون قصائد عمودية تلاحق القافية دون إشغال تلك الفراغاتِ الرهيبة بأفكار وصور شعرية استثنائية وغير متداولة مسبقًا .
يعجبني نزار قباني حين يقول في هذا السياق : " إن شعراء الحداثة أرادوا أن يخلصوا الشعر من التناظر والتكرار ولعبة الخطوط المتوزانة ،فوقعوا في ذات المأزق ..إنهم يتشابهون أسلوبا وأداءً ولغة ، كما يتشابه عشرون توأما نزلوا كلهم من بطنٍ واحد ، فإذا قرأت لواحد منهم أغنتك قراءتك له عن قراءة الباقين".

بعضهم يعتقد أن الشعر العمودي لم يعد صالحاً لهذا الزمن ، وعلى الأرجح هؤلاء يحكمون على المشهد الشعري من خلال وسط ثقافي معين يفرض أصواتًا معينة ويغفل النظر عن الكثير من الجمال المختبئ هنا وهناك ، هم على الأرجح كذلك متعصبون لنثريتهم لسبب أو لآخر ،وهنا بدل أن ينتصروا للحداثة التي يدافعون عنها هم يقعون في مأزق "الانغلاق" الذي يعترف بصوت قصيدة النثر ويدّعي الانفتاح الشعري ولايقبل بالآخَر الذي هو شاعرٌ يرى أن تقليدية القصيدة العمودية التي تتشكل من تفعيلات معينة وقافية لا تعجزها عن خلق عالمها الشعري المميز بالخيال الخصب ورقيّ الفكرة.

الشِعرهو طيران وانفتاح ، وقبول للآخر وإيمان بحريةِ الفكرة قبلَ كل شيءْ.

ولأننا في عصر الرواية ، والشعراء يتحولون يوميا إلى روائيين ،فإن مكان الشعر اليوم يتقزم داخل مكتبة القارئ ، مابالك بالعامة التي لاتقرأ ،ولا تعنيها اللغة مادام الخبز غير متوفر.؟

والشاعر الذي يستهين بعامة الناس هو شاعر ضالّ ،أضلّه غروره وسيبقى معلقًا على قُبّته العاجية ينتظر موته على رفٍّ ناءٍ في إحدى المكتبات المهجورة ، ألم يقل درويش :

" قصائدنا بلا طعم
بلا لون
بلاصوتِ
إذا لم تحمل المصباح
من بيت إلى بيت
وإن لم يفهم البسطا معانيها
فأولى أن نذريها
ونخلد نحن للصمت "



وأخيرا ...[ غصّة ] :

هل ستبقى كتبنا المدرسية تلقن تلامذتنا نفس القصائد التي درسناها نحن في المناهج القديمة ؟؟ وماهو البديل لترقية ذائقة الطفل والتلميذ ؟؟ ولمن سيقرأ أطفالنا في المستقبل ؟؟