أشياء كثيرة أعجبتني في رواية مقصلة الحالم، للشاعر والروائي الأردني جلال برجس، كاللغة والحكاية، وعنصر التشويق، وجماليات الأمكنة، والرؤية الجميلة جداً للحب. لكن هنالك عنصر خفي في الرواية-وهو ما شدني لها- يجعل القارىء يشعر أن هذه الرواية كتبت له وحده، وهذه ميزة بنظري لاتتحقق إلا في الروايات التي كتبت بإحساس صادق.

يبدأ برجس روايته بحديث على لسان (خالد) وهو معتقل سياسي سابق، هذا الحديث الذي من خلاله نرى كيف هي التقلبات النفسية التي تداهم خالد، وهو يقرر زيارة معتقله السابق وحيث أمضى عشرين عاماً من عمره فيه. عودته لمعتقله لم تأت من فراغ، إذ تبدأ الحكاية وباسترجاعها للقارىء فنكتشف أن خالد اعتقل بتهمة لايد له فيها، وبوشاية من مجهول، عندما خرج من المعتقل وجد نفسه يحمل سجنه معه، عند عودته للقرية حيث ولد وعاش يتفاجأ بأن عشرين عاماً من الغياب بدلت كل شيء، فيصاب بعزله وسجن ثان، بعد أن اكتشف أن البيت خال إلا من جدته والتي رمز لها بأصالة الزمن العربي المهدد من موجة التبدلات العالمية الجديدة والعولمة.

عبر الواقع الافتراضي وعبر موقع (فيس بوك) يتعرف خالد بسعاد والتي هي أيضاً تعاني سجنها في معتقل زوجها كما ترى. وتنشأ بينهما حكاية حب، يرى حالد أن نجاحها سوف ينسيه إحساسه بالسجن، لكن تلك العلاقة تأخذ أبعاد مفاجأه، وهو انتقال اشكالية الفوراق بين الشخصيات بين العالم الواقي والفتراضي. إذ يفاجأ القارىء أن سعاد تلعب دوراً مهماً في حياة خالد قبل معرفتها به في الفيس بوك، وحتى قبل دخوله السجن.

تظهر في الرواية قدرة جلال برجس على الغوص في الوعي النفسي للمرأة وبالتالي الاقتراب مما تعانية، كما وتظهر قدرته على الدخول في عولم المعتقل.

تروى الرواية من جبل (نيبو) المطل على فلسطين، حيث يصبح الجبل بطلاً من أبطال الرواية، إضافة إلى الذئب الذي كان خالد يسمع صوته على مدار عشرين سنة من الاعتقال. إلى أن وجده حقيقة في جبل نيبو حيث تنشأ العلاقة بين الحيوان والانسان لتتقاطع المصائر.

تنتهي الرواية بطريقة غير متوقعة لكنها تمنح أملاً كبيراً ليس على صعيد الرواية فقط، إنما على صعيد حياة الانسان المعاصر والتي استعرضها جلال برجس في روايته مقصلة الحالم.

إنها رواية جميلة جداً وتستحق القراءة.

( النسخة الإلكترونية من الرواية متوفرة في موقع Goodreads و 4shared)