وإنني ألوم نفسي على تأخري في قراءة أم سعد ، وذلك خوفًا من كتابات غسان لما تحمله من الألم والوجع ، ونحن نتذوقه إلى الآن . أم سعد لا تحتاج إلى قراءة عادية ، فمن يقرأها بشكل عادي كأي رواية من دون الغوص في تفاصيلها وأوجاعها ، لن يتذوق الألم داخل كلماتها ،فيصعب وصول احساس أم سعد له أو الظلم الذي سيستشعره في الرواية الصغيرة ذات المعاني الكبيرة في تأثيرها على النفس.
أم سعد هي الدالية المعطاءة ، هي التي تخلف وفلسطين تأخذ ، هي التي شهدت الخيانة والكذب والوحل في المخيم ، هي المضحية الشجاعة التي ترفض رزقها من أجل أخرى ، ولا تغرها الليرتان ولا أحد يملك نفسها وينكس رأسها . ليت أم سعد تعود ، وتعود تلك الروح الثورية الرافضة للظلم ، ونتعلم قليلا كيف نجعل عبد المولى يمشي حافي القدمين ، ونصفق لفضل ونرفعه هو وأمثاله على الأكتاف . فلسطين احتلت ليس من اليهود فقط بل من الخيانة المرة ، نحن أقوياء كفاية بعزيمتنا وإصرارنا ولو كنا كلنا مثل سعد وسعيد وأم سعد لما كان حالنا هكذا لليوم .