وطنٌ تدفّأ بالقصيد - سماح المزين
أبلغوني عند توفره
شارك Facebook Twitter Link

وطنٌ تدفّأ بالقصيد

تأليف (تأليف)

نبذة عن الكتاب

تقول الشاعرة: أهديت هذا الديوان لوطنٍ يطوِّقُ خواصرَ حلمي وتوطِّنُ حروفي روعها في حناياه، وعن موضوعات قصائدها تعلق الشاعرة المزين بالقول "في قلب هذا المولودِ أربع وعشرون قصيدة كلها للوطنْ للعشقُ الغائب، لفلسطين، للقدسِ، وغزة الجريحة، لسماء الوطن وأرضه، هوائه وغنائه، صباحه ومسائه، ولسعده وعنائه". الشاعر السعودي عبد الرحمن العشماوي يقول في تقديمه للكتاب "إن صفات تحمل عنوان وطن تدفأ بالقصيد لشاعرة فلسطينية ولدت ونشأت في بيت المقدس وأكناف بين المقدس، ومعنى ذلك أنها قد رافقت القضية منذ ولادتها، لعبت معها في مراتع الطفولة، وركضت معها في ميادين البطولة، ووصلت معها إلى قمة الصبر والصمود،ـ في هذه الحالة المتأزمة من الحصار الشنيع". ويصف العشماوي الشاعرة بأنها شاعرة قضية، تعرف رسالتها في الحياة بصفتها فتاة فلسطينية مسلمة، وتعيش قضايا أمتها الإسلامية عامة، وقضية فلسطين خاصة، مشيراً أنها ترسم بذلك طريقاً واضحا في ميادين الشعر المترامية الأطراف. النسخة الإلكترونية من الكتاب.. تجدونها على هذا الرابط http://q9r.me/fydo وهذا الرابط أضافته الكاتبة مباشرة
عن الطبعة
  • نشر سنة 2011
  • 140 صفحة
  • رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

أبلغوني عند توفره
3.2 5 تقييم
27 مشاركة

اقتباسات من كتاب وطنٌ تدفّأ بالقصيد

صباح بُكائِكَ الممزوج بالطربِ

أيا شعباً... يذوب لوصفه قلمي،

وكلُّ صحائف الكتبِ

ويعجزُ كلُّ ما في الشعرِ، أو في النثرِ، من أدبِ

وترقى أنت يا شعبي، جميع سلالم الرُّتبِ

مشاركة من سماح ضيف الله المزين
اقتباس جديد كل الاقتباسات
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب وطنٌ تدفّأ بالقصيد

    6

مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    3

    هو الديوان الأول للشاعرة الفلسطينية سماح المزين ، لهذا الكتاب معزة خاصة عندي وخاصة انه هو بداية تعرفي برابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين

    قصائده جميلة ورائعة

    استمتعت بقراءته

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    3

    باكورة أعمال الشاعرة سماح المزين

    كان رائعاً جداً . . كل يوم أفتح ديوانها واستقي منها نبضاً

    أبدعت فيهِ أكثر من كتابها الثاني "في ثنية ضفيرة"

    هي في الشعر أقوى ، وأجمل ..

    :)

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    3

    هذه القراءة الفنية للديوان بقلم البروفيسور عبد الفتاح أبو زايدة (أستاذ الأدب والنقد/ ومحاضر وأكاديني في جامعات قطاع غزة: الأقصى/ الإسلامية/ فلسطين/ غزة/ الأزهر/ الأمة)

    --------------------------------------------------------------------

    قراءة في ديوان: وطن تدفأ بالقصيد

    للشاعرة: سماح ضيف الله المزين

    مقدمة:

    من بين الأسس القوية والرئيسة أن يحظى الشباب بالاهتمام الذي يعينهم على بناء شخصياتهم، ويمهد لهم الطريق الصحيح للإسهام الإيجابي في بناء المجتمع وتعميق انتمائنا إليه وتبرز في السنوات الأخيرة ظاهرة إبداع الشباب الأدبي في الشعر والقصة القصيرة على وجه الخصوص، ومن خلال رؤيتي الخاصة فإنني أستطيع القول إن الفتيات الشابات أصبحن ظاهرة تلفت الانتباه في ميدان الأدب، وقد أثبت عدد ليس بالقليل منهن أن ما يقدمنه من أعمال أدبية جديرة بالقراءة والنظر والرأي، ومن هنا يجيء اهتمامنا بنتاجهن الشعري والقصصي.

    وبين يدي اليوم ديوان شاعرة استطاعت أن تشق طريقها في درب الشعر، اجتمعت لديها الموهبة والتجربة واقعاً وتمثلاً، كما أنها تعمل على تغذية موهبتها بالقراءة والحوار، حتى تهيأ لها أن تجمع قصائدها في هذا الديوان الذي أصبح بين يدي القارئ.

    العنوان:

    جملة كاملة واضحة المعالم قريبة في معناها لا يحتاج القارئ فيها أن يذهب بعيداً في التأويل والتحويل، إلا أن العنوان مع بساطته يوحي بانتماء الكلمة إلى أرضها وسمائها ومياهها وإلى إنسان الوطن، ولكن ألا يحق لنا أن نتساءل من أين تجمع هذا الدفء للقصيدة التي تحيط بالوطن وتدخل إلى كل دقيقة من دقائقه؟!

    ولنا أن نقول إن القصيدة تستمد دفئها من الوطن نفسه، فالوطن يحتضن القصيدة ويبعث فيها كل ألوان الدفء والحيوية والحركة والتوتر والفعل، ولولا هذا الدفء الذي يبثه الوطن في جسم القصيدة لما استطاعت أن تتمتع بما يجعلها حبيبة إلى الأذن قريبة إلى القلب سميرة للمشاعر، تمتد بجزيئاتها إلى الوطن، الأرض والإنسان، ولو أن الصفحة التالية للعنوان من الداخل قد كتب عليها: "دفء القصيد من حضن الوطن" لكان ذلك أكمل للعنوان وأشمل وأكثر عمقا وحيوية ينضاف إلى ما فيه من عمق وحيوية على بساطته.

    التجربة: المضمون والأفكار:

    من الأمور التي يركز النقد عليها عند الدراسة النصية مصطلح التجربة، الذي لا يقف عند حد معين، فالتجربة العلمية مثلا تنتهي عند النتائج المادية التي تتمخض عن أجزاء التجربة التي تجمعت وانتهت بالنتيجة، أما التجربة الإنسانية فهي متواصلة في كل لحظة، وربما أتصور أنني فرغت من تجربة ما مع نفسي أو مع غيري ثم تأتي الأحداث بعد ذلك متصلة بما سبق بما يمكن أن يرتب ما سيحدث بعد عشر سنوات على ما سبق منذ عشر سنوات، فالتجربة على هذا المفهوم متراكبة متوالية ومتلاحمة ومتصلة اتصالاً حيوياً لا تنتهي مع انتهاء وقتها إلا في الأحداث البسيطة غير المؤثرة، فالإنسان فينا لا ينسى طفولته، ومكابدته أيام الدراسة، وظروفه الاجتماعية التي مر بها سواء أكان تحت الرعاية أم راعياً، وقبل هذا وبعده فإن قضيتنا الأساسية: الوطن؛ تسيطر علينا سيطرة تامة وها هي متواصلة منذ ما يزيد على ستين سنه لا تنفصل فيها جزئية عن الأخرى في مؤثراتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية، ولتوافر هذه العوامل مجتمعة فإنها تحدث زخماً في التجربة وتجعلها أكثر تعقيداً، ومن ثم تأتي مرحلة استيعاب التجربة، وهنا يكون التفاوت في عملية الاستيعاب من إنسان لآخر.

    بصورة عامة أن الإنسان أي إنسان هو صاحب تجربة بل تجارب تختلف من إنسان لآخر كما ونوعا تحت اعتبارات المستويات الإنسانية المتقاربة أو المتباينة والأمر في هذه الناحية يأخذ خصوصية عند الشاعر الذي لا يتوقف عند ردات الفعل التي تحدث لغيره من غير الشعراء، فتتوالد في نفسه اندفاعات غالبا ما تكون قوية تلح عليه إلى أن يجسد التجربة في شعره ما بين الذات والخارج، فليس كل ما في شعره من تجربة هو من محض الذات، لأن هناك تجارب خارجية - غيرية يتمثلها، يشعر بوقعها، يغمس نفسه في نفوس الآخرين.

    إن الشاعرة سماح زاوجت في تجربتها الشعرية بين الذات والآخر، مع أنها حاضرة في كل قصيدة، وهناك فرق بين الحضور الشخصي وبين الحضور المقنَّع خلف تجارب الآخرين، والأمر ليس بتلك البساطة التي يمكننا أن نكشف عن كل حيثياتها في هذه العجالة، إنها تجربة الرحلة الصعبة، نفسياً واجتماعياً "على مستوى المجتمع الصغير/ الأسرة/ تجربة الفراق/ تجربة الطرحة الحمراء بكل ما يحمل اللون من دلائل: تجارب شخصية مستخلصة من قول الشاعرة: من قتل لأمنيتي - أعانق حلمي المذبوح – أجر ثوبي مثقلاً – أنا عروس – أبارز الغيداء – أنني الأحلى – وإنني الأغلى.

    ثم الخروج بالتجربة من الأنا إلى: أمر على شواطئنا - برارينا – أغانينا، لكنه الخروج الذي ظلّ محاصراً بالأنا المعذَّبة التي لم تستطع الإفلات من قيد الألم:

    ص 88 أنا إن بكى قلبي وأرقني الغياب

    فلست أرضى بالقليل من المحبة والوصال

    هذي حقيقة فرحتي

    إذن هناك صراع عالي التوتر بين الألم/ القيد والطموح – المعركة مستمرة بينها وبين: العراقيل – نوعية الإنسان – الرواسب.

    وتمتد معركة التطهير النفسي، ليس على المستوى الشخصي فحسب، وإنما على المستوى الجمعي، تقول:

    ص 63 أسكنيني حضن ذاكرة الإباء

    هل ترى ينسى الوفاء

    فلتمطرينا بعض أثمار لتغرق روحنا بالانتماء ص 66

    (منطلقات من الدالية – الأرض – الحياة – الانسان – البحث عن الانتماء) فقد تشوهت حياتنا كثيراً، أين الصفاء؟

    تقول:

    ص 94 كن كما جادت عليك شموسنا

    كن دافئا حراً وأطلق مقلتيك

    إن التجربة هنا أخذت شكل الدوائر المتصلة بحيث يكون من الصعب فكها، بل ربما يكون من الخطأ، وإنني أرى على سبيل المثال أن الانسجام التجريبي قد تحقق بشكلٍ (أتخذه أنموذجا وحسب) في قصيدة "النزوح إلى السماء" بين الوطن الكبير والوطن الصغير "البيت" ص 35, وما بعدها.

    وقد فرش ضمير الأنا بساطه تحت كثير من القصائد بصورة تستوقف القارئ وتجعله يتساءل عن الدوافع وراء هذه الظاهرة النسجية للجملة الشعرية التي اتكأت بشكل واضح على هذا الضمير، ولعلني أستطيع القول إن هناك من العوامل الشخصية والاجتماعية ما جعل هذا الضمير واسع الانتشار في قصائد الشاعرة، فقد تكرر "أنا وبدائله" في قصيدة "للجرح في روحي صهيل" اثنين وعشرين مرة، ويبدو أنَّ هذا الأمر يكون ظاهراً في القصائد التراجيدية والميلودرامية.

    وحتى في حديث الشاعرة عن القدس تتصور أن هذه المدينة أمها التي لا يمكن لها أن تنفصل عنها, وتنتسب إليها انتساباً كلياً، تقول:

    ص 136 فتحيا القدس في لغتي

    تزين كل أشعاري

    ص 131

    عهدا ستبقى القدس لي وأنا لها

    ولا أظن أن التاريخ سيقول غير ذلك, بل إنه ليؤكد هذا تأكيداً كبيراً، فسوف تظل القدس مدينة السلام لأهلها الذين عرفتهم وعرفوها.

    الصورة وبلاغة النص:

    تقوم الصورة الأدبية بدور أساس في إسباغ الحيوية الفنية على القصيدة، وعندما تكون الصورة في محلها المناسب لها تغذى اللغة الشعرية وتنقلها إلى فضاءات إيحائية تشد انتباه المتلقي، وتستثير فيه تصوراته المختلفة في عملية فهم الصورة واستيعابها من ناحية، والوقوف على الوظائف التعبيرية التي أدتها حتى ظهر النص بالشكل الذي قدمه الشاعر إلينا.

    وليس هناك من قصيدة تخلو من الخيال وإلا فقدت جزءاً كبيراً من حيويتها، وابتعدت عما كان يمكن أن ينتج عنها من تفاعلات بين الداخل والخارج في البناء والقراءة، ولكن أهمية الصورة ترتبط بمدى التلاحم التعبيري الذي يوفره الشاعر في قصيدته، ولا يكون الأمر مجرد عرض للصورة ولكنها يجب أن تكون خيوطاً قوية منسجمة مع الإطار الكلي في البناء الفني للقصيدة.

    وقد تنوعت الصورة الخيالية في قصائد الديوان عند سماح المزين, وأرى أنها أولت اهتماماً ملحوظاً للتشبيه والاستعارة، وذلك كما أتصور ناتج عن أنها تعمد إلى إقامة معادلة بين أجزاء التعبير مما هو قائم أو قادم في عملية استنطاق ينبجس من ذلك الاستقدام للجزء المكمل حتى يصل التعبير إلى تلك القيمة الفنية والمعنوية التي ترنو إليها الشاعرة.

    تقول في تشبيهات متوالية في قصيدة "لما أطلت" ص 126

    كالعيد طلت - كالعرس يصحبه النشيد - كالنور يلمع - كالورد ينضح - كسلسلة من الأزهار - كريح المسك - كدرع الفخر - كبدرِ لم يحالفه الظهور.

    لقد أفرغت الشاعرة حمولة الصورة التشبيهية كلها في أول القصيدة, ولم تستطع أن توقف هذا السيل المتدفق من المشاعر، ولاحظ أنها كلها صور تفتح أبواباً من الفرح والسعادة والأمل والقوة, كأن الشاعرة تريد أن تتسلح بهذه الصور لتقف في مواجهة الحياة الصاخبة المزعجة المقلقة, ولم تستطع الشاعرة كتمان السبب في هذا الاستناد الكبير إلى الصورة, فتقول بعد ذلك في القصيدة نفسها:

    إني نزفت هنا كثيراً من أمانِ غائبة ص 127

    جعلها هذا النزف تفقد كثيراً من قوتها، وحتى لا تنهار أمام تيارات الحياة التي لا ترحم، كان استنادها إلى تلك الصورة التشبيهية التي تستمد منها قوة يمكن أن تغير الواقع أو بعضاً منه.

    ننتقل إلى الصور الاستعارية التي استقدمتها الشاعرة، وننظر فيها محاولين الوقوف على بعض أسرارها، تقول:

    انتفضت حروفي

    ينهض حزني

    أُخفي وجه أوجاعي

    الشوك يدمي الإحساس

    يعتلى الفرسان ظهر النائبات

    أغرقُ الوجه الكئيب بفرحة

    وجه الشمس يغار من لون الدماء

    روح الشمس خجلى

    سأشعل الدنيا بضوء عزيمتي ص 132

    ص 134

    ص 135

    ص 127

    ص 125

    ص 121

    ص 37

    ص 37

    ص 98

    وإذا كانت الشاعرة قد أرادت استقدام قوة جديدة من خلال التشبيهات التي مرت معنا، فإن الملاحظ على هذه الاستعارات التي يحيط بها العذاب والألم والدماء والخجل والكآبة، إنما أرادت الشاعرة أن تتخلص من عوامل الضعف وتمسك الشعلة في يدها لترى الطريق، فالصور هنا وليدة تفاعل نفسي عميق وشديداً أرهق الشاعرة ونغّص عليها جزءاً من حياتها، فكانت هذه الصورة بمثابة المنقذ الذي يزيح بعضاً من سوداوية الحياة ولا يغرق القصيدة في بحر الحزن الذي يمكن أن ينفر منه القارئ الذي ينتظر هو الآخر أشعاراً تخفف من أوجاعه وآلامه.

    مع الظاهرة الأسلوبية:

    يُعد النداء من أبرز الظواهر الأسلوبية في الديوان حيث إن الشاعرة اعتمدت على إظهاره اعتماداً له دلالاته المعنوية، فالنداء يفيد الاستدعاء والطلب - المساندة - العون – المؤانسة - المؤازرة – التقوية, في قصيدة "أغنية للقدس" نادت الصباح تسع مرات, وشيء طبيعي أن تكون قد سئمت الليل – أخافها الظلام - الوحشة – السواد - العتمة أو عدم الرؤية - تريد أن ترى - أن تبصر - أن تنطلق، كيف يكون ذلك والظلام مخيِّم فأين الصباح؟! من هنا كان نداء الصباح.

    وفي قصيدة "النزوح إلى السماء" ص 33، تردد النداء تسعاً وعشرين مرة للوطن والحُلم والحزن، لأرواح الطير، للأغنيات، لعالم من الموسيقى والورود والعطاء، إنها تريد حضوراً كلياً لهذه المسمَّيات لإيجاد ميزان جديد لقيم الحياة التي تهشمت وتشوهت معالمها.

    والأمر يتكرر في قصائد أخرى مثل قصيدة "ليلٌ وألف ترتيلة" يا ليل أشرق - يا ليل عد حُرّاً - يا ليل فافعل - يا ليل ساندني، ولعل هذا النداء للإشراق والحرية والمساندة يؤيد ما قلته قبل قليل.

    ثم هناك المتواليات الندائية "بين داليتين" ص 63

    وتقف ظاهرة التكرار إلى جانب النداء في تشكيل القصيدة لدى سماح، إنه التكرار الذي يعبر عن حالة القلق التي تعيشها الشاعرة في محاولة للتخلص، وهنا تظهر وظيفة الشعر التطهيرية في تنقية النفس مما يزعجها، في ص 32 تقول:

    لا عاش من منع - لا عاش من سرق - لا عاش من ظلم - لا عاش من قتل.

    إذن فإن البحث عن وجه الحياة النقي الصافي يلح على الشاعرة إلحاحاً شديداً.

    ثم التكرار عبر أساليب النفي الذي يشير إلى وصول الحمى النفسية إلى مداها الخطير, في قصيدة "للجرح في روحي صهيل" ص 110

    لا تقتليني - لا تجرحيني - لا ترهقي قلباً - لا تذبحيني - لا تسأليني.

    إنه الإصرار على الحياة والخلاص والنقاء، السؤال؛ كأنه يقول: إلى متى تظل هكذا أيها الإنسان؟ ولماذا لا تفهم الحياة إلا من خلال القتل والتجريح والإيلام والذبح؟!

    وينفجر الألم والوجع في قصيدة "النزوح إلى السماء" من خلال تكرار "أواه" متوالية سبع مرات، والبحث عن الـ "أنت" المنقذ، المخلّص. تتكرر "يا أنت" وجه الشمس - روح الشمس - من إلاَّك فيض سنائه عمَّ السماء، ثلاث مرات.

    وهذا الضمير "أنتِ" يتكرر ست مرات متوالية في قصيدة "بين داليتين" ص 68.

    وفى القصيدة نفسها كان للزمن حضوره المتكرر ما بين كلمة "الأمس" ثلاث مرات، وكلمة "اليوم" ثلاث مرات في عملية موازنة بين الماضي والحاضر.

    أما المكان/ فالكلي: الوطن حاضر في الديوان من أول قصيدة لأخر قصيدة، ثم هناك المكان الجزئي للوطن تناثر في الديوان في بعض القصائد وجاء التركيز على القدس وغزة.

    لوحات فنية:

    وعندما أقول لوحات فنية بالكلمة أي يمكن رسمها بالفرشاة والألوان:

    ص 29 وترى السماء وقد تفرق نجمها متثاقلاً

    وترى السواد ملبداً

    ص 40 لوحات تراجيدية متكاملة لطفلي الشهيد:

    الدمع على الخدين

    القنديل على المنصة

    الورد المصفد

    تحضننا يداك

    ابتسامات الصغار

    ص 45 الوجه المطرز بالدماء

    وهناك لوحات رومانسية حالمة رائقة:

    ص 113 يا غافياً في حضن زهرات الندى

    تصحو النهى من بعد موتٍ غزتي :: تهديك أطواق الندى والياسمين

    ص 96 ببريق عينيها العميقة تحتوينا جدتي

    ص 69 تتلألأ البسمات في أحداقها

    ص 38 زيتونة أرخت جدائلها لتلتقط البقايا من أديم العشق

    ص 38: متواليات جمالية:

    يا عالماً من أمنيات، أحجيات، أغنيات، ناطقات

    يا عالماً من زنبقات، باسقات، سامقات، رائقات

    يا عالماً من أعطيات دافقات

    يا عالماً من كائنات كنَّ يوماً هانئات

    ص 110 يا حُلوتي: أوَتحزنين، وتطرقين، تفكرين وتدمعين

    ص 103 حركية الصورة، عن ابنة الأسير

    أعدو إلى الزوايا أفتش المكان

    أضيعُ حين ألقى تجاهل المكان

    وفى هذه الترنيمات والحركيات نغمات موسيقية تكشف عن عمق المشاعر وصدق الأحاسيس.

    لغة الديوان:

    1. ابتعدت الشاعرة عن التعقيد اللفظي، فجاءت اللغة بسيطة قريبة إلى الفهم ليست سطحية مباشرة، وليست عميقة بعيدة، لتظل في متناول فهم القارئ, لا ينفر منها أو تتجافى عنه.

    2. تحولت اللغة في الديوان إلى معجم شعري رقيق وبسيط، فيه إيحاء قريب، وخيال شفاف، وحركية تتقافز أحياناً وتهدأ أحياناً أخرى.

    3. اختفت الأسطورة والخرافة والتراث البعيد، كون الشاعرة لم ترغب في إيجاد عمليات إسقاط مكتفية بتصوير اللحظة الحاضرة عبر إمكانات التعبير اللغوية المتاحة.

    4. جاء البناء اللغوي الشعري سليماً لا يصدم القارئ بما يمكن أن يكون فيه من أخطاء.

    موسيقى القصيدة:

    للقصيدة موسيقاها التقليدية والجديدة، التقليدية المنسوجة على الوزن والقافية، ويمكن للروي أن يتعدد، وللقافية أن تتنوع في إطار الوزن الواحد، فتكون تقليدية متجددة.

    أولاً/ البناء التقليدي:

    ومن القصائد التقليدية قصيدة "تحت أنقاضك يغفو الفؤاد" ص 71، جاءت على البحر المتقارب, وحرف الروي القاف، والقافية ساكنة، فهل لنا يا ترى أن نُرجع القاف الساكنة إلى ما أودعته الشاعرة في قصيدتها من دعوة لهذا الفؤاد المعذب أن يأخذ نصيبه من الراحة، وذلك إذا جاز لنا أن نربط بين الوزن والقافية من ناحية، وجوّ القصيدة من ناحية أخرى، وهو ربط ليس فيه شيء من التعسف إذا قامت الدراسة على أساس الالتقاء بين الموسيقى الشعرية والموضوع الشعري الذي نفذ إلى نفس الشاعرة.

    ومثل هذه القضية في حاجة إلى مزيد من البحث النقدي الجديد الذي يقدم لنا مزيداً من بواعث الإبداع ونتاجاته عند الشعراء.

    كما جاءت قصيدة "سيأتي العيد" ص 99 منسوجة على البحر الوافر, ورويها حرف اللام بقافية الكسرة المسبوقة بحرف المد الألف، هذا الحرف الذي ينفثه القلب مما يجده من قلق واضطراب وتوجس، يجد في الألف متنفساً وراحة، وحرف اللام من الحروف التي يتحرك فيها اللسان حركة بين الخفيفة والثقيلة وفيه دندنة تسرِّي عن القلب بعض ما فيه، وكما أسلفت فإن هذه الجوانب المهمة في دراسة القصيدة تظل في حاجة إلى مزيد من التعمق في درسها ولا تستطيع في مثل هذا العرض الذي يتسم إلى حد ما بالسرعة أن نتوسع فيها، ولعل دراسة موسعة قادمة تستوفى إلى درجة مرضية بعض ما سكتـنا عن طرحه هنا.

    ولم تكن قصيدة "على ثغر الجريحة" ص 105 بعيدة عن هذا التصنيف، فهي من البحر الكامل بروي القاف وقافية الضمة ونـتساءل ماذا وراء تكرار حرف القاف روياً في أكثر من قصيدة والقاف حرف يملأ جوف الفم مع انفتاح الشفتين، فهل هذا من قبيل المصادفة أن يكون الثغر عنوان القصيدة, والقاف رويُّها, وحتى لو كان الأمر كذلك فإن ذلك مما يحسب للشاعرة أنها أوجدت انسجاماً معيناً بين الموسيقى الشعرية والفكرة المحورية التي ألحت عليها وفرضت نفسها في القصيدة.

    وتلجأ الشاعرة في بنائها الموسيقي للقصيدة التقليدية وزناً إلى تنويع الشكل البنائي التوزيعي، فقصيدة "لفارس اللحن ينسكب الرثاء" ص 44 توزعت القصيدة إلى فقرات, جاءت على البحر الكامل.

    جاءت حروف الروي في القصيدة متنوعة ما بين فقرة وأخرى من اللام إلى الهمزة فالنون فالكاف فالعين، مما يذكرنا بالشعر المهجري الذي أبدع شعراؤه في هذا النوع من موسيقى الشعر، وفى ظني أن الشاعرة قد قرأت في الشعر المهجري وتأثرت به، وأنا أحبذ هذا التأثير من السابق إلى اللاحق مع وضع بصمة جديدة ولو كانت صغيرة فيما نتأثر به، ومثل هذا التنويع النغميّ يوفر للقصيدة فضاءً سمعياً واسعاً، يرتبط بشكل أو بأخر بموضوع القصيدة, فالامتدادات الشعورية تجد دربها جاهزاً مع التنوع الموسيقي وحروف الروي في هذه القصيدة كانت إما مسبوقة بحرف العلة أو متبوعة به. ولحروف العلة امتدادها من القلب إلى ما بعد مخرجها من الفم.

    وكذا الأمر في قصيدة "سجين وقلب أم" ص 56 حيث تنوعت حروف الروي ما بين النون واللام المسبوقة بحرف المد الألف الذي يخرج ما في النفس من ألم وحسرة.

    وفي قصيدة: "بك أنت.. يليق طوق الياسمين" ص 112 تتعدد حروف الروي ما بين الدال والباء والهاء والميم والنون وجاءت حركة القافية بالكسر مرة وبالفتح الممدود، فالضم، ثم السكون على آخر فقرة، وهذه القصيدة طويلة فكان هذا التنوع فيها قد أعطاها مزيداً من حيوية الإيقاع الموسيقي المتجدد الذي يباعد بين القارئ والملل, وللمتلقي بعد ذلك أن يرى رأيه فيما نقول.

    ولنا أن نختم هذا الجزء في البحث الموسيقي بحديث موجز عن قصيدة "أيناك شيخي" ص 50 حيث التزمت الشاعرة حرف السين المحرَّك بالكسر، وحرف السين حرف صفيري فيه وقع حزين ينقل بعض ما تحمله القصيدة من ذكريات وصور عن الشيخ الشهيد.

    ونذكر في هذه العجالة رائعة البحتري السينية التي انتقل تأثيرها إلى شعراء العصر الحديث، ومنهم شوقي.

    ثانياً/ الإيقاع في القصيدة الجديدة:

    أوثر أن أطلق الجديدة على القصيدة غير التقليدية متوافقاً في ذلك مع رأي أستاذنا محمد النويهي الذي قال به في كتابه "في الشعر الجديد" حتى لا نحتار مع المسميات العديدة التي اختلف حولها النقاد أكثر مما اتفقوا عليه.

    في القصيدة الجديدة لا بد من توافر عنصر الإيقاع الذي يتوزع على القصيدة كلها من أولها لأخرها، يجعل منها وحدة منسجمة غير متنافرة، بما يوفر الشاعر من حروف الروي المتقاربة أو المتباعدة, وبما يودع قصيدته من لازمات تنشد إليها عين القارئ، يفكر فيها ليقول ما يراه مناسباً من ارتباطات في ثنايا القصيدة الواحدة، ثم هناك القفلة التي تنتهي بها كل فقرة من فقرات القصيدة.

    في قصيدة "النزوح إلى السماء" ص 33 كان حرف الروي يتكرر أحياناً في كل سطر من القطعة الواحدة، فحرف الحاء المسبوق بالألف يتكرر متوالياً تسع مرات في ص 36 - 35 وحرف العين المسبوق بالواو يتكرر ست مرات متتالية في ص 36 وحرف الهمزة المسبوق بالألف يتكرر أربع مرات متتالية في ص 37 وهذا كله يجعل من هذه القصيدة التفعيلية تفاعلاً بين الإيقاع الانتقالي من فقرة لأخرى، والمتأمل للقصيدة يجد أن جوها النفسي والانفعالي يتطلب مثل هذا التنوع والتوالي في حروف الروي، التي تمكن القارئ من الانتقال ما بين فقرة وأخرى يتجدد في كل منها الإيقاع الذي يزيح الملالة من القصيدة.

    وفي قصيدة "بين داليتين" ص 63 تتنوع حروف الروي بشكل واضح في نصف القصيدة الأول، ثم تلجأ الشاعرة إلى تجديد الإيقاع في نصفها الثاني إلى متتاليات حروف الروي وهذه القصيدة من القصائد الطوال، فيتكرر حرف الراء المسبوق بالواو سبع مرات ص 67 وتتردد الهاء الساكنة ثماني مرات في ص 68 - 67 والنون المتبوعة بالألف ثماني مرات في ص 69 - 68 في عملية تركيز موسيقي يكشف عن حرص الشاعرة على التأثير الأكثر ملائمة للقصيدة في موضوعها وأفكارها ومجرياتها التعبيرية والمعنوية.

    وفى قصيدة "طرحة حمراء" ص 82 كان حرف الروي الميم يتوالى ثلاث مرات في ص 83, وكذلك حرف اللام ثلاث مرات في ص 85, والقاف أربع مرات في ص 85, والباء ثلاث مرات في ص 86، مع تنوع واضح في حروف الروي في كامل القصيدة وشيء من هذا نجده في قصيدة "لما أطلت" ص 126, وهذا مما يفسر أن الشاعرة كانت تنسج قصيدتها بوعي حاضر في موسيقى القصيدة يجعل إيقاعها مؤثراً تأثيراً انتقالياً بين أجزاء القصيدة الواحدة.

    وفي بعض القصائد كانت تبدأ القصيدة بلازمة، كما في قصيدة "أنات صامتة" ص 28 فجملة "آه يا أغلى قمر" كانت افتتاحية لكل فقرة جديدة، وأحياناً يحدث فيها تغيير بسيط فتصبح "أيا أغلى قمر" إذن فهو طلب ملحٌّ للبوح في محاولة تخليص النفس من بعض عذابها، حيث كانت نهاية القصيدة "لا عاش من قتل القمر" ص 32, فهناك جريمة تحدث أو يمكن حدوثها, من هذا الخوف والقلق جاء الحوار مع القمر في لازماته التي وفرت انسجاماً تعبيرياً بين مقطوعات القصيدة الواحدة.

    وهناك القفلة الموسيقية التي تنتهي بها القصيدة في كل فقرة من فقراتها كما في قصيدة "صباحنا وطن" ص 15, ومن أمثلة ذلك من القصيدة نفسها: أيا جدي ويا لعبي - صباح الخير يا حبي - صباح القدس والنقب - جميع سلالم الرتب - صباح الوُدِّ والتحنان من قلبي.

    والباء حرف انفجاري فيه إعلان صريح لهذا الحب العظيم الذي نحمله للوطن والأرض. بالإضافة إلى ما فيه من أثر موسيقي عميق ينسجم مع بناء القصيدة.

    وبعد... فهذه نظرات سريعة في ديوان "وطن تدفأ بالقصيد" لم أقل فيها إلا الأقل من القليل الذي يجب أن يقال، أردت من خلال هذه السطور أن أدعو القارئ إلى قراءة الديوان قراءة متأملة واعية مستوعبة، لأن القراءة السريعة المتعجلة تظلم الديوان وصاحبته، فهو ديوان جدير بالقراءة والدرس والنقد.

    أ. د. عبد الفتاح أبو زايدة

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    3

    هذه هي مقدمة الشاعر السعودي الدكتور/ عبد الرحمن بن صالح العشماوي لديوان وطن تدفأ بالقصيد

    ---------------------------------------------------------

    وطنٌ تدفّأ بالقصيدْ ..!

    صفحات قادمةٌ من "خان يونس" من غزة الصامدة الصابرة المجاهدة، صفحاتٌ تفيضُ باليقين، والحبّ المتينِ، والحزنِ الدفين، والأملِ المشرق الذي يقفز فوق جدرانِ الغاصبين.

    صفاتٌ تحملُ عنوان: "وطنٌ تدفَّأَ بالقصيدِ" لشاعرةٍ فلسطينية ولدت ونشأت في بيتِ المقدسِ وأكنافِ بيت المقدس، ومعنى ذلك أنها قد رافقت القضية منذ ولادتها، لعبت معها في مراتع الطفولة، وركضت معها في ميادين البطولة، ووصلت معها إلى قمة الصبر والصمود، في هذه الحالة المتأزمة من الحصار الشنيع.

    صفحاتٌ تؤكدُ كثيراً من المعاني التي طرحتُها في دواويني عن فلسطين، ابتداءً بـ: "شموخ في زمنِ الانكسار" ووصولاً إلى: "على قمم النصر" الذي ضمَّ عدداً من القصائدِ كتبتها أثناء الحرب الأخيرة على غزة.

    نعم إن الشاعرة "سماح المزين" تؤكدُ أنَّ الثقة بالله والإيمان به والتعلَّق بنصره وتأيِيده دون سواه – سبحانه وتعالى- والوعي الكامل بحقيقةِ القضية، والإدراك الشامل لأبعاد السياسة الصهيونية الغادرةِ الغاشمة، مهما حاولت الدولةُ اليهوديةُ هي وحاضنتها "أمريكا" ومن ورائها دولُ الغربِ، ومن أمامها من العملاءِ العرب الذين باعوا ضمائرهم.

    أقول: تؤكدُ أن الثقةَ باللهِ والإيمانَ به، والتعلقَ بنصره، والوعي الكامل بالقضية والإدراك الشامل لأبعادها، هي الأسلحة القوية التي تفتكُ بخطط الأعداء ومؤامراتهم.

    وهذا هو الدورُ المنتظرُ من كل ذي موهبةٍ شعريةٍ أو نثريةٍ، في مرحلةِ الاضطراب التي تعيشها الأمة الإسلامية.

    إن "سماح المزين" شاعرة قضية، تعرفُ رسالتها في الحياةِ بصفتها فتاة فلسطينية مسلمة، تعيش قضايا أمتها الإسلامية عامة، وقضية فلسطين خاصة، وهي ترسمُ بذلكَ طريقاً واضحاً في ميادينِ الشعرِ المتراميةِ الأطراف.

    في الجانبِ الفنيّ عند الشاعرة "سماح" تألُّقٌ يسجَّلُ لها، وتُحمَدُ عليهِ من حيث الصورِ الفنية والعبارات المختارة الملائمة لأجواء القصائد النفسية.

    ماذا أقول بعدَ هذا؟

    أقول: تحية لفلسطينَ كلها، ولغزةَ الصابرة، ولهذا الصوت الشعريّ المناضل، صوت "سماح المزيِّن" زيَّنَ الله حياتها وحياةَ من يطَّلِعُ على ديوانِها بالإيمانِ واليقين.

    بقلم/

    د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

    الرياض 15 / 02 / 1431هـ

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق