اقتباسات ريتشارد باخ

لقد كُتب حينما كان المستقبل مجهولًا، في علم الغيب، لكنه لم يعد كذلك الآن.

‫ريتشارد باخ

‫ ربيع ٢٠١٣

بالنسبة إلى أغلب النوارس، ليس الطيران هو المهم، بل الأكل. لكن هذا النورس شيء آخر، فعنده لم يكن الأكل هو المهم، بل الطيران. كان النورس «جوناثان ليفنجستون» يحب أن يطير أكثر من أي شيء آخر.

مَن لا يتعلم شيئًا فسيكون عالمه التالي هو نفسه عالمه الحالي، بالحدود والقيود نفسها والأحمال الثقيلة نفسها التي عليه أن يغلبها.

اكسر قيود أفكارك وسوف تكسر قيود جسدك كذلك.

إننا نتخيَّر عالمنا التالي عبر ما نتعلمه في عالمنا هذا. مَن لا يتعلم شيئًا فسيكون عالمه التالي هو نفسه عالمه الحالي، بالحدود والقيود نفسها والأحمال الثقيلة نفسها التي عليه أن يغلبها.

لماذا يا «جون»؟ لماذا؟ لماذا يصعب عليك كثيرًا أن تكون مثل بقية السرب يا «جون»

«النورس الذي يطير أعلى يرى أبعد».

لماذا يكون أصعب شيء في الدنيا أن تقنع طائرًا بأنه حُر، وأنه يستطيع أن يثبت ذلك بنفسه إذا أمضى وقتًا قليلًا في التدريب؟ لماذا ينبغي أن يكون هذا الأمر عسيرًا هكذا؟

لا علاقة للأمر بالزمان أصلًا. لعلنا سابقون للأنماط السائدة، سابقون لطريقة الطيران التي يتبعها أغلب النوارس.

تنهد «جوناثان». فكر في نفسه أن هذا ثمن إساءة الآخرين فهمك. يُسمونك الشيطان أو يُسمونك الرحمان.

‫ ـ ما رأيك أنت يا «فلتشر»؟ هل نحن سابقون لزماننا؟

‫ حط عليهما صمت طويل.

‫ ـ في ظني، هذا النوع من الطيران موجود منذ القدم.

تنهد «جوناثان» فكر في نفسه أن هذا ثمن إساءة الآخرين فهمك يُسمونك الشيطان أو يُسمونك الرحمان ‫ ـ ما رأيك أنت يا «فلتشر»؟ هل نحن سابقون لزماننا؟ ‫ حط عليهما صمت طويل ‫ ـ في ظني، إن هذا النوع من الطيران كان موجودًا على الدوام.

إن كلًّا منا في حقيقته ليس إلا فكرة لـ«النورس العظيم»، فكرة غير محدودة للحرية، وليس إتقان الطيران إلا خطوة نحو التعبير عن طبيعتنا الحقة. علينا أن ننحي جانبًا كل شيء قد يحدنا.

أمرك عجيب بالنسبة لي يا «جون»، فإنك لا تخشى التعلم وتُقبِل عليه بشجاعة لم أعهدها من قبل في أي نورس آخر طوال عشرة آلاف سنة ‫ حط الصمت على السرب، وتململ «جوناثان» محرَجًا من الثناء ‫ .

تكمن الخدعة في أن يؤمن أن طبيعته الحقة، الكاملة مثل رقم غير مكتوب، قد عاشت ذات مرة في كل مكان، فيما وراء حدود المسافة والزمن.

عندئذٍ ومن دون أي طقوس احتفالية، ضم إليه منابت جناحيه، وفردَ أطرافهما القصيرة حادة الزوايا، وغطس نحو البحر مباشرة. عندما تجاوز الأربعة آلاف قدم كان قد بلغ سرعته القصوى، كانت الريح جدارًا صلدًا من الصوت يقرع ويضرب بشدة، جدارًا....

شعرَ بأنه أفضل حالًا لقراره بأن يكون مجرد طائر آخر في السرب لن تشده بعد الآن أية روابط بتلك القوة التي دفعته لأن يتعلم، لا مزيد من التحدي، ولا مزيد من الإخفاق وكان أمرًا جميلًا، أن يتوقف عن التفكير وحسب،

غير أن هذا النصر كان قصير الأجل، فما إن شرع ينسحب متراجعًا، ما إن غيَّر زاوية جناحيه، حتى انقذف في لمح البصر إلى تلك الكارثة الرهيبة ذاتها حيث يفقد كل سيطرة على حركته، وإذ كان يطير بسرعة تسعين ميلًا في الساعة...

لكن هذا النورس شيء آخر، فعنده لم يكن الأكل هو المهم، بل الطيران كان النورس «جوناثان ليفنجستون» يحب أن يطير أكثر من أي شيء آخر ‫ وقد اكتشف أن هذا النوع من التفكير ليس بالوسيلة المثلى لكي تحبه الطيور الأخرى . حتى والديه كان يساورهما القلق عليه....

«النورس الذي يطير أعلى يرى أبعد

لم يكن آسفًا على وحدته، كان أسفه الوحيد أن النوارس الأخرى رفضت أن تصدق ما ينتظرها من مجد وروعة الطيران؛ لقد رفضت أن تفتح عيونها وتبصر.